عنوان الفتوى : مشاهد الحج تذكر بيوم القيامة
هل يوم القيامة مثل الحج؟ ولماذا تقولون: إن يوم القيامة سيكون عسيرًا على المؤمنين، والله وعدنا أنه يوم جميل للذين آمنوا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك تواصلك معنا، والمراد من سؤالك غير واضح، واعلمي أن الذي ينبغي للسائل هو إرسال السؤال بصياغة حسنة بينة، تتضح بها المسألة التي يلتمس جوابها، والمشكلة التي يرجو إيضاحها، فمن أدب السؤال حسن صياغته، وتحريره، وبعده عن الغموض، جاء في الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي: وينبغي أن يوجز السائل في سؤاله, ويحرر كلامه, ويقلل ألفاظه، ويجمع فيها معاني مسألته, فإن ذلك يدل على حسن معرفته. وفيه: عن زيد بن أسلم, أنه كان إذا جاءه الإنسان يسأله، فخلط عليه، قال: «اذهب فتعلم كيف تسأل, فإذا تعلمت فسل»، وعن ميمون بن مهران, قال: «التودد إلى الناس نصف العقل, وحسن المسألة نصف العلم» .اهـ.
وفي المحدث الفاصل: قال كيسان لأبي زيد: علقمة بن عبدة من بني تميم هو أم من المحضرمة؟ فقال: «صحح المسألة ليصح لك الجواب. اهـ.
وعلى كل؛ فلا ريب في أن مشاهد الحج تذكر بيوم القيامة -ولا جرم أن هذا ليس خاصًّا بالحج-، قال الدكتور محمد المختار الشنقيطي: يوم عرفة يوم مشهود، هذا اليوم يذكر بالموقف بين يدي الله عز وجل؛ ولذلك إذا وقف العبد بعرفات، ونظر إلى تلك البريات، ونظر إلى تلك الأصوات والصيحات، فسبحان من علم لغاتها! وسبحان من ميز ألفاظها! وسبحان من قضى حوائجها! لا يخفى عليه صوت، ولا تعجزه حاجة، أحد فرد صمد، لا يعييه سؤال سائل؛ لذلك أحبتي في الله، النظر في حال يوم عرفة يذكر بالله تبارك وتعالى. كان الناس مع الخليفة سليمان بن عبد الملك فجاءت صاعقة وهم وقوف بعرفة، ففزع الناس فزعًا شديدًا، وفزع الخليفة سليمان -رحمه الله- فزعًا شديدًا من تلك الصاعقة، فقال له عمر: يا أمير المؤمنين، هذه بين يدي رحمته؛ فكيف بالتي بين يدي عذابه؟! إذا كان هذا والناس وقوف بين يدي الله يرجون رحمته؛ فكيف إذا وقفوا بعرصات يوم القيامة؟! وكما ثبت في الخبر يقول: (لقد غضب الله في هذا اليوم غضبًا لم يغضب قبله قط، ولم يغضب مثله قط)، وهذا يدل على عظم الموقف بين يدي الله تبارك وتعالى. اهـ.
وفي خطبة عرفة للشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: حجاج بيت الله الحرام، اجعلوا من موقفكم بعرفة عظة وتذكرًا للموقف الأكبر بين يدي الله، يوم تقفون بين يدي ربكم حافية أقدامكم، عارية أبدانكم، شاخصة أبصاركم، تذكروا يوم تدنو الشمس من العباد؛ حتى تكون منهم على قدر ميل أو ميلين، ويزاد في حرها، ويأخذ الناس العرق على قدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "تحشرون حفاةً عراةً غرلًا"، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: " يا عائشة، الأمر أشد من أن يهمهم ذاك. اهـ. ولمزيد فائدة انظري الفتوى: 376588.
وأما قولك: (ولماذا تقولون إن يوم القيامة سيكون عسيرًا على المؤمنين)، فإن كنت تعنينا، فلم نقل مثل هذا قط.
وللتفصيل حول اليوم الآخر يحسن بك الرجوع إلى كتاب: (القيامة الكبرى) للشيخ عمر الأشقر.
وراجعي حول خصائص اليوم الآخر الفتوى: 28326. وحول تخفيف يوم القيامة على المؤمنين الفتوى: 288832.
والله أعلم.