عنوان الفتوى : أصول تفسير القرآن الكريم
سؤالي هو : أنني قرأت في مكانٍ ما الحديث الذي يقول : (من قال في القرآن بِرَأْيِهِ فقد أخطأ ) ، فهل بإمكانك تفصيل ذلك ؟ في بعض الأحيان ، إذا كان المرء يشعر بأنّه متعلّقٌ بآيةٍ معينةٍ في نقطةٍ معينةٍ بنفس الوقت فهل هذا خطأٌ إذ أن الآية المقصودة قد يكون لها تفسير آخر ؟ وهل يمكن أن تخبرني كيف جاءت المصادر الرئيسية للتفسير ؟ كيف علم علماء التفسير الأوائل ما تعنيه آيةٌ معيّنة ؟ قرأت أن ذلك يسمى تفسيرٌ بالرواية ، والذي يعتمد على القرآن كمصدرٍ لمزيد من المعلومات حول تلك الآية أيضا. إذاً كيف يتم التحقق من التفسير التقليدي ؟ أيضاً، هل يمكن أن تعطيني مثالاً على مثل هذه العلاقة؟ وما هو الإسناد؟ وكيف نعلم ما هي البدع ؟ وما هي العلامات التي تبيّن لنا أن الأثر صحيح ؟
الحمد لله
أولًا:
ينبغي أن نعلم أن لتفسير القرآن الكريم أصولًا، لا بد أن يحسنها من يروم تفسير كلام الله تبارك وتعالى، وقد كتب العلماء في أصول التفسير، وبينوا الفرق بين التفسير المنقول، وبين التفسير بالمعقول، ووضحوا متى يمكن للإنسان أن يقول برأيه، وفرقوا بين الرأي المحمود والمذموم .
وبخصوص ما ذكر في السؤال من تعلق الشخص بنقطة معينة في آية ، يفهمها على وجه معين يقع في قلبه : فمثل هذه الفهوم والخواطر : ينبغي أن تعرض على كلام أهل العلم في تفسير هذه الآية ، ونحوها .
فإن كان صاحب هذه الخواطر : طالب علم ، يمكنه النظر في كلام المفسرين ، وأقوال أهل العلم : فإنه ينظر بنفسه في المرويات المذكورة في معنى الآية ، وفي كلام المفسرين المعتبرين في بيانها وشرح معناها ؛ فإن كان هذا المعنى الذي وقع في نفسه موافقا لشيء من هذه الأقوال المعتبرة : فبها ونعمت .
وإن لم يكن موافقا لهذه الأقوال ، فإنه يصحح ما فهمه من الآية ، بعرضه على كلام أهل العلم .
على أنه قد لا يجد القول بعينه منصوصا في الكتب التي يرجع إليها ، أو مصرحا به على هذا الوجه ؛ لكن يكون مثل هذا القول : مما يحتمله لفظ الآية ، وسياقها ، بحسب طرائق البيان العربية ، وتدل عليه الآية ، أو تشير إليه ، بطريق من طرق الدلالات ، والإيماء المعتبرة عند العلماء .
وهنا يحتاج إلى مزيد نظر في كلام أهل العلم ، فإنه قد يكون ما وقع في نفسه مندرجا فيه ، ويعرض هذا الخاطر الذي خطر له ، والنكتة التي وقعت في قلبه ، على من يمكنه من أهل العلم بكتاب الله ، ومعاني كلامه .
ويمكنك أن ترجع إلى كتاب:
1- "شرح مقدمة في أصول التفسير"، للشيخ د. مساعد الطيار .
2- "التحرير في أصول التفسير"، للشيخ د. مساعد الطيار .
لتقف على هذه المسائل التي تحتاج إلى تعلم وتأمل قبل الخوض في تفسير كلام الله تعالى .
ثانيًا:
ذكر العلماء أن القرآن يفسر:
1- بالقرآن .
2- والسنة .
3- وأقوال السلف .
4- وباللغة العربية .
5- ويمكن الاستعانة ببعض مرويات أهل الكتاب، وأسباب النزول للوصول لمعنى آية من الآيات .
وفي كل أصل من هذه الأصول أدلة دل الشرع على استعمالها في التفسير، فالقرآن أولى ما يفسر به القرآن لأنه كلام الله تعالى، والرسول هو المبين لكلام الله وتلك وظيفته، والقرآن قد نزل بلغة العرب، فهي من أسس فهمه، والسلف هم أقرب الناس للغة، وأعرفهم بمراد الرسول، وقد شهدوا التنزيل، وعلموا أحوال النزول، وهم مشهود لهم بالخيرية، فلذلك قدم تفسيرهم على تفسير غيرهم .
وإن أردت الحجج المفصلة، فننصحك بالرجوع إلى كتاب: الاستدلال على المعاني في تفسير الطبري، للدكتور نايف الزهراني فقد ذكر الأدلة على هذا كله .
ثالثًا:
للعلماء طرق يميزون بها بين الصحيح والضعيف، وهو علم "مصطلح الحديث" ومن خلاله يستطيع الدارس أن يميز بين الصحيح وغيره، ويستطيع التفريق بين ما يقبل وما لا يقبل من الآثار المروية .
ولهم طريقة خاصة في التعامل مع مرويات التفسير، تجد تفصيلها في الكتب التي قدمنا ذكرها .
رابعًا:
أما حديث: من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ، والله أعلم، وهكذا سمى الله القذفة كاذبين، فقال: فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ النور/13، فالقاذف كاذب، ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، ولو كان أخبر بما يعلم؛ لأنه تكلف ما لا علم له به، والله أعلم.
انظر: "مجموع الفتاوى" (13/ 371)، "تفسير ابن كثير"(1/ 11).
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (205290) ، ورقم : (262476) .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري |
---|
أصول تفسير القرآن الكريم |
أصول تفسير القرآن الكريم |