عنوان الفتوى : فرح الله بتوبة عبده
أخت تسأل من إحدى البلدان التي يكثر بها الجهل في أمور العقيدة تقول: فى حديث : إن الله لأفرح بتوبة عبده من الأم التى تفرح بقدوم ابنها بعد أن فقدته ، السؤال كيف يفرح الرب بتوبة العبد ، وهو يعلم مسبقاً أنه سيتوب ، فالبشر يفرحون بشئ لم يكن يتوقعونه ، وحاشا لله ذلك ؟
الحمد لله
أولا:
لم نقف على لفظ الحديث المذكور.
وقد روى البخاري (6308) ، ومسلم (2747) واللفظ له، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ .
والحديث رواه ابن عساكر في أماليه عن أبي هريرة بلفظ: (لله أفرح بتوبة عبده من العقيم الوالد ومن الضال الواجد ومن الظمآن الوارد). وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" برقم (4633).
ثانيا:
الفرح من المخلوق : قد يكون مع العلم بالشيء، كمن يفرح بوجود زائر يعلم وجوده، أو برؤية ولده ، أو ما يسره .
وقد يكون مع الجهل بوجوده ، أو سلامته ، كفرح هذا العبد برؤية دابته عليها طعامه وشرابه.
وأما الفرح من الله تعالى : فصفة من صفاته اللائقة به، وهو العالم بكل شيء، سبحانه وتعالى وتقدس، فلا يدخل فرحَه شيء من النقص الذي يلحق فرح المخلوق.
قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني رحمه الله (ت449 هـ): "وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع، والبصر، والعين، والوجه، والعلم، والقوة، والقدرة، والعزة، والعظمة، والإرادة، والمشيئة، والقول، والكلام، والرضا، والسخط، والحياة، واليقظة، والفرح، والضحك، وغيرها، من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى، وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة عليه ولا إضافة إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير" انتهى من "عقيدة السلف وأصحاب الحديث"، ص 160).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " والفرح من الله جل وعلا، مثل سائر الصفات، كالرضا والغضب والرحمة والمحبة وغير ذلك، كلها صفات تليق بالله يجب إثابتها لله ، على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى ، وليست من جنس صفات المخلوقين ؛ فغضب الله ، ليس كغضب المخلوقين ، وفرحه ليس كفرحهم ، ورضاه ليس كرضاهم ، وهكذا رحمته ومحبته وكراهته ، وسمعه وبصره ، وغير ذلك :
كلها صفات كاملة تليق بالله ، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى؛ لقول الله عز وجل في كتابه العظيم: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) سورة الشورى، ولقوله سبحانه: ( فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) سورة النحل، وقوله -عز وجل-: ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) سورة الإخلاص .
وهذا هو قول أهل السنة والجماعة قاطبة جميعاً، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان" انتهى من موقع الشيخ:
https://www.binbaz.org.sa/noor/3168
ولا يُسأل عن شيء من صفاته تعالى بكيف؟ بل نؤمن بصفاته دون تكييف أو تشبيه أو تعطيل، كما نؤمن بذاته تعالى، ونقول كما قال الأئمة: " لا تبلغه الأوهام ، ولا تدركه الأفهام، ولا يشبه الأنام" انتهى من "عقيدة الطحاوي" رحمه الله ، (ص8).
وقال ابن قدامة رحمه الله: " لا تمثله العقول بالتفكير، ولا تتوهمه القلوب بالتصوير، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11]" انتهى من "لمعة الاعتقاد"(ص5).
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |