عنوان الفتوى : حديث الضب، وشهادته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
هناك حديث أو قصة مفادها بإيجاز : " أن أعرابيا أتى الرسول صلى الله عليه وسلم وبيده ضب ، وكان مكذبا للرسول صلى الله عليه وسلم ، فنطق الضب بلسان عربي ، وشهد أن محمدا رسول الله ، وأسلم الأعرابي " . أنا عندي علم أن هذه القصة مكذوبة ولكن في خطبة الجمعة تلا هذه القصة الخطيب علينا ، وبعد الصلاة ذهبت له ، وقلت له أن هذه القصة غير صحيحة ، ولكنه أخذ الموضوع بشكل شخصي ، وغضب ، وقال لي : إنه استخرجها من "صحيح مسلم" . فالسؤال : هل تصح هذه القصه ؟ أم هي ضعيفة ؟ أم مكذوبة ؟ وهل هي فعلا موجودة في صحيح مسلم ؟
الحمد لله
قال الإمام أبو القاسم الطبراني رحمه الله في المعجم الأوسط (5996):
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ السَّلَمِيُّ الْبَصْرِيُّ قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: نا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَدِيثَ الضَّبِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِي مَحْفَلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَدْ صَادَ ضَبًّا، وَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَرَأَى جَمَاعَةً، فَقَالَ: عَلَى مَنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟ فَقَالُوا: عَلَى هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَشَقَّ النَّاسَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا اشْتَمَلَتِ النِّسَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَكْذَبَ مِنْكَ، وَلَا أَبْغَضَ، وَلَوْلَا أَنْ يُسَمِّينِي قَوْمِي عَجُولًا لَعَجِلْتُ عَلَيْكَ، فَقَتَلْتُكَ، فَسَرَرْتُ بِقَتْلِكَ النَّاسَ جَمِيعًا.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَقْتُلْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَلِيمَ كَادَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا؟) .
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا آمَنْتُ بِكَ، أَوْ يُؤْمِنَ بِكَ هَذَا الضَّبُّ؟ فَأَخْرَجَ ضَبًّا مِنْ كُمِّهِ، وَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنْ آمَنَ بِكَ هَذَا الضَّبُّ آمَنْتُ بِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا ضَبُّ) !!
فَتَكَلَّمَ الضَّبُّ بِكَلَامٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، يَفْهَمُهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، يَا رَسُولَ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَعْبُدْ؟) .
قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَرْشُهُ، وَفِي الْأَرْضِ سُلْطَانُهُ، وَفِي الْبَحْرِ سَبِيلُهُ، وَفِي الْجَنَّةِ رَحْمَتُهُ، وَفِي النَّارِ عَذَابُهُ.
قَالَ: (فَمَنْ أَنَا، يَا ضَبُّ؟) .
قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ صَدَّقَكَ، وَقَدْ خَابَ مَنْ كَذَّبَكَ.
فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ...
الحديث .
وكذا رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (6/36)، وأبو نعيم في "الدلائل" أيضا (275) من طريق محمد بن علي السلمي به .
وهذا إسناد موضوع ، وآفته السلمي هذا ، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/ 651):
" محمد بن علي بن الوليد السلمي البصري عن العدني محمد بن أبي عمر، وعنه الطبراني، وابن عدي.
روى أبو بكر البيهقي حديث الضب من طريقه بإسناد نظيف، ثم قال البيهقي: الحمل فيه على السلمي هذا.
قلت: صدق والله البيهقي، فإنه خبر باطل " انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (5/ 292):
" وروى عنه الإسماعيلي في معجمه وقال: بصري منكر الحديث ".
وقال ابن دحية في الخصائص: "هذا خبر موضوع".
"كنز العمال" (12/ 358)
ورواه أبو الفتح المقدسي في "أماليه" (ص: 5) وابن عساكر في "تاريخه" (4/381) من طريق عَلِيّ بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَلَوِيُّ ، بِالْمَدِينَةِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ به .
وهذا إسناد واه ، قال ابن عساكر : " هذا حديث غريب ، وفيه من يجهل حاله ، وإسناده غير متصل " .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا إسناد مظلم ؛ من دون علي لم أعرفهم ".
"الضعيفة" (9/ 78).
فحديث الضب هذا وشهادته للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة حديث منكر لا يصح .
والذي في صحيح مسلم إباحة النبي صلى الله عليه وسلم أكل الضب ، وأنه وُضع على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إليه، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ .
قُلْنَ: هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ .
فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ .
قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ، فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ، فَلَمْ يَنْهَنِي.
صحيح مسلم (1946)
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |