عنوان الفتوى : اشترى أخوها نصيبها بغبن فاحش ويرفض أن يعطيها شيئا بحجة أنها وافقت على البيع
توفى أبي ، وترك مدبغة للجلود ، وتولى أخي إدارتها ، وكان يدفع لنا إيجارا ، من شهرين طلبت منه أن يشتري نصيبي ؛ لأنني كنت محتاجة المبلغ ، وأنا لا أعرف مقدار نصيبي، ولم أسأل أحدا ؛ لثقتي بأخي ، وفعلا اشتراه ب60000 ألف جنيه ، بعد أسبوعين اشترى من باقي أخواتي البنات نصيبهم فى المدبغة البنت ب 160000 ألف جنيه ، يعنى أكثر من ضعفى ، عرفت أن الحكومة قدرتها بسعر عال؛ لانها ستنقل ، وهو كان عارف وأخواتى كانو عارفين إلا أنا ، هو الآن خدعني ؛ لأنه كان يعرف السعر الأصلى ، ولما طالبته بباقى المبلغ ، قال لي : أنت بعتي ووافقتي ، وأنا اشتريت ، هل فعلا ليس لي حق المطالبة بباقي حقي مثل أخواتي ؟ أم أنه يتحمل الوزر ، ويلزمه أن يرد لي باقي حقي ؛ بسبب خداعه لي ؟
الحمد لله.
أولا:
من باع شيئًا لغيره، وهو جاهل بقيمة المبيع، ولم يماكس في الثمن ، اعتمادا على الثقة بالمشتري ، ثم تبين أن غُبن (أي خُدِع) ، فله الخيار، ويسمى هذا خيار الغَبن .
فله أن يطالب المشتري بما بقي من الثمن ، فإن رفض فللبائع أن يفسخ البيع ، فيسترد السلعة ، ويرد الثمن الذي دفعه المشتري إليه .
والفقهاء مختلفون في القدر الذي يعتبر غبنا، هل هو الثلث أو الخمس أو ما يعده التجار غبنا، لكن إذا كان أخوك قد اشترى من أخواتك مثل نصيبك ب 160 ألفا، وكان هذا هو سعر السوق، فما جرى معك غَبن باتفاق العلماء .
وينظر: جواب السؤال رقم : (263764) .
قال في "كشاف القناع" (7/ 435) في بيان من يثبت له خيار الغبن: " (الثالث المسترسل ، وهو) اسم فاعل من : استرسل ؛ إذا اطمأن واستأنس . والمراد هنا : (الجاهل بالقيمة ، من بائع ومشتر ، ولا يحسن أن يماكس : فله الخيار إذا غبن الغبن المذكور)؛ أي الذي يخرج عن العادة، لأنه حصل لجهله بالمبيع ؛ فثبت له الخيار...
(وأما من له خبرة بسعر المبيع ، ويدخل على بصيرة بالغبن، ومن غبن لاستعجاله في البيع، ولو توقف فيه ولم يستعجل ، لم يغبن : فلا خيار لهما) لعدم التغرير" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا اشترى سلعة بـ (2500) ريال، وهي لا تساوي إلا (1500) ريال، فإن كان البائع يعلم أن السعر (1500) ريال، ولكنه وجد هذا الرجل الغريب الذي لا يعرف الأسعار وباعها عليه بـ (2500)، فإنه آثم ولا يحل له ذلك، وإذا علم المشتري بهذا فله الخيار، وهذا يسمى خيار الغبن؛ لأن (1000) من (2500) كثير، وأما لو كان الغبن يسيراً كـ (10%)، فهذا لا يضر، ولا يزال الناس يتغابون بمثله.
أما إذا كان البائع لا يعلم، مثل: أن تكون هذه السلعة بـ (2500)، ونزل السعر والبائع لا يدري بنزوله، فالبائع غير آثم، لكن حق المشتري باقٍ ، وله الخيار؛ لأنه مغبون" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (56/ 14).
وقال رحمه الله: " فإن قال قائل: هل الغبن يكون للبائع أيضاً؟
الجواب: نعم ؛ وهذه تقع كثيراً لا سيما فيما سبق من الزمان، ـ فمثلاً ـ يعلم التاجر بأن السكر ارتفعت قيمته، فيذهب إلى من عندهم السكر، ويشتري كل ما عندهم بالقيمة الحاضرة، وهم لا يعلمون أن قيمته ارتفعت فيكون غبناً ولا شك، وهم لم يفرطوا في الواقع في مثل الصورة التي ذكرتها الآن؛ لأنه باع على أن هذه القيمة ، وأن الأسعار مستقرة.
والحاصل أنه : كما أن للمشتري الحق إذا غبن في فسخ البيع، فللبائع الحق إذا غبن في فسخ البيع ولا فرق" انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 303).
ثانيا:
خيار الغبن يعطي المغبون الحق في الفسخ ، فيخير بين الفسخ والإمضاء دون أرش [تعويض] .
وقال بعض أهل العلم: يخير بين الفسخ، وبين الإمضاء مع أخذ الأرش، وهو قدر الغبن.
فعلى القول الأول: لكِ فسخ البيع، ثم تبيعين نصيبك بالثمن الذي تريدين.
وعلى القول الثاني: لك أن تمضي البيع، وتأخذين الفرق وهو مائة ألف.
قال في "كشاف القناع" (3/ 212): " (فيخير) المشتري (بين رد) المبيع (وإمساكه) .
(قال ابن رجب في شرح) الأربعين (النووية: ويحط ما غبن به من الثمن) أي يُسقط عنه ، [ أي عن المشتري، إن كان هو المغبون ] ، ويرجع به إن كان دفعه (ذكره الأصحاب . قال المنقح: ولم نره لغيره ، وهو قياس خيار العيب والتدليس على قولٍ . انتهى) كلام المنقح" انتهى.
والله أعلم.