عنوان الفتوى : سر كون السفر من أسباب إجابة الدعاء
أودّ أن أسألكم عن دعاء المسافر هل الدعاء يكون مستجابا حتى وإن لم يكن المسافر ذاهبا إلى الدعوة إلى الله. هناك مجموعة من الناس تقول: إن الدعاء يكون مستجابا فقط للمسافر إلى الطاعة، بينما الأخرى تقول: إن الدعاء يكون مستجابا للمسافر في كل الأحوال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن السفر من أجل الطاعة والتقرب إلى الله تعالى أولى بالإجابة من مجرد الأسفار المباحة؛ لأن طاعة الله سبب في استجابة الدعاء، ومع ذلك فالأحاديث الشريفة تفيد أن عموم السفر ـ سواء كان للطاعة أو لمجرد الأمور المباحة ـ من أسباب إجابة الدعاء؛ فقد روى الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده. رواه الترمذي وحسنه الألباني
وذلك لأن السفر كله مظنة لحصول انكسار النفس وتحمل المشاق؛ قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم «ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟"
قال: "هَذَا الْكَلَامُ أَشَارَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى آدَابِ الدُّعَاءِ، وَإِلَى الْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْتَضِي إِجَابَتَهُ، وَإِلَى مَا يَمْنَعُ مِنْ إِجَابَتِهِ، فَذَكَرَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْتَضِي إِجَابَةَ الدُّعَاءِ أَرْبَعَةً: أَحَدُهَا: إِطَالَةُ السَّفَرِ، وَالسَّفَرُ بِمُجَرَّدِهِ يَقْتَضِي إِجَابَةَ الدُّعَاءِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ"
والله أعلم.