الحمد لله.

أولا :

روى الإمام أحمد في "المسند" (29 / 251) بسنده عن ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ دَرَّاجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ فِي النَّارِ حَيَّاتٍ كَأَمْثَالِ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ، تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَإِنَّ فِي النَّارِ عَقَارِبَ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ الْمُوكَفَةِ، تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ، فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً ).

ورواه البيهقي في "البعث والنشور" (561) بسنده عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ فِي النَّارِ حَيَّاتٍ أَمْثَالَ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ، يَلْسَعْنَ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَإِنَّ فِيهَا لَعَقَارِبَ كَالْبِغَالِ الْمُوكَفَةِ، يَلْسَعْنَ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ).

وروى الفقرة الأولى منه الحاكم في "المستدرك" (4 / 593)  عن عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ، صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ فِي النَّارِ لَحَيَّاتٌ مِثْلُ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ يَلْسَعْنَ أَحَدَهُمُ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ).

فهذا الحديث مدار إسناده على دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، وهو مختلف في توثيقه.

قال المزي رحمه الله تعالى:

" قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: حديثه منكر ...

وقال عثمان بن سعيد الدارمي ، عن يحيى بن معين: ثقة: قال عثمان: دراج أبو السمح، ومشرح بن هاعان ليسا بكل ذاك، وهما صدوقان ...

وقال أبو عبيد الأجري ، عن أبي داود: أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد.

وقال النسائي: ليس بالقوي.

وقال في موضع آخر: منكر الحديث.

وقال أبو حاتم: في حديثه ضعف.

وقال الدارقطني: ضعيف.

وقال في موضع آخر: متروك" انتهى. "تهذيب الكمال" (8 / 478 - 479).

فمن ضعف درّاجا : ضعف هذا الحديث ، لتفرده به .

ومن لم يضعفه : صحح هذا الحديث، وممن صححه الحاكم فقال بعد روايته للحديث: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ الْإِسْنَادِ "، ووافقه الذهبي، وحسّنه الألباني في "السلسة الصحيحة" (7 / 1270).

ثانيا :

وجود العقارب في النار يشهد له تفسير عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لقوله تعالى:

( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ) النحل (88).

فروى الحاكم في "المستدرك" (4 / 593) بسنده عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ( زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ ) قَالَ: ( عَقَارِبَ أَنْيَابُهَا كَالنَّخْلِ الطِّوَالِ ) .

قال الحاكم: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ"، ووافقه الذهبي.

ويشهد له أيضا ما رواه الطبري في "تفسيره" (14 / 332) قال:  

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: ( إن لجهنم سواحل فيها حيات وعقارب، أعناقها كأعناق البخت ).

ورجال إسناده ثقات ، غير حيي بن عبد الله ، فقد اختلف في  توثيقه أهل العلم، ولخص ابن حجر حاله فقال: صدوق يهم.

وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" حيي بن عبد الله مختلف فيه، وهو عندي أنه وسط حسن الحديث، وقد حسّن له الترمذي، وصحح له ابن حبان والحاكم والذهبي وغيرهم، وحسنت أنا- بدوري- فيما مضى عدة أحاديث، فانظر مثلاً "المشكاة" (1593) ، و"الصحيحة" (1003 و 1304) وغيرهما، وقال فيه ابن عدي (2 / 251) :

"وأرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة". " انتهى، من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (7 / 860).

فالحاصل؛ أن هذه الروايات تشهد لبعضها ، وأن وجود حيات وعقارب في جهنم : له أصل في الخبر .

نسأل الله تعالى أن يقينا وإياكم وجميع المسلمين عذابه، وأن يدخلنا في رحمته.

والله أعلم.