عنوان الفتوى : ادعاء الرافضة بأن علي بن أبي طالب كان يذم الشيخين ، وأنه ساهم في اغتيال عمر بن الخطاب .
يقول بعض الرافضة : إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه امتنع عن مبايعة الخليفتين الراشدين أبيبكر وعمر رضي الله عنهما ، وأنه كان يذمهما ، ويعتبرهم بأنهم كاذبان آثمان غادران ، ويزعمون أن هذا ورد في صحيح مسلم ، ويقول بعضهم أيضاً : إن عليا هو الذي أشار على أبي لؤلؤة المجوسي ـ أو النهاوندي كما يسمونه ـ بقتل عمر ، وأنه قتله بأمر من علي ، فنرجوا منكم الرد على هذه الإشكالات التي يثيرونها بين فينة واُخرى ، مع بيان طبيعية العلاقة بين علي والشيخين رضي الله عنهم أجمعين ، وهل كانت علاقة حب ومودة ونصرة ، أم علاقة بغض ومفاصلة ؟
الحمد لله
أولا:
ادعاء الشيعة بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه امتنع عن مبايعة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكان يذمهما، هو ادعاء باطل.
فقد سبق في الموقع بيان مبايعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما، في الفتوى رقم (147540).
ثانيا:
وأما مبايعة علي لعمر رضي الله عنهما فلا شك فيها، فالصحابة كلهم أجمعوا على مبايعته.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على اختيار أبي بكر، وعلى تنفيذ عهده إلى عمر، وعلى تنفيذ عهد عمر بالشورى، ولم يخالف في شيء من هذا أحد، ولم يدع علي ولا العباس ولا أبو بكر وصية في وقت من الأوقات .
وقد اتفق علي والعباس على جميع هذا من غير ضرورة مانعة من ذكر وصية لو كانت، فمن زعم أنه كان لأحد منهم وصية ، فقد نسب الأمة إلى اجتماعها على الخطأ، واستمرارها عليه، وكيف يحل لأحد من أهل القبلة أن ينسب الصحابة إلى المواطأة على الباطل في كل هذه الأحوال، ولو كان شيء لنقل فإنه من الأمور المهمة " انتهى، من "شرح صحيح مسلم" (12 / 206).
وكان علي محبا لعمر وأبي بكر ومعترفا بفضلهما.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ( إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ، فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي، يَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ )، فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ) رواه البخاري (3677) ومسلم (2389).
وعَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: ( قُلْتُ لِأَبِي – أي علي بن أبي طالب - أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ ) رواه البخاري (3671).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" ويروى هذا عن علي بن أبي طالب من نحو ثمانين وجها، وأنه كان يقوله على منبر الكوفة؛ بل قال: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري.
فمن فضله على أبي بكر وعمر جلد بمقتضى قوله رضي الله عنه ثمانين سوطا " انتهى، من "مجموع الفتاوى" (4 / 422).
ثالثا:
وادعاء الشيعة أن عليا كان يقول عن أبي بكر وعمر: " بأنهما كاذبان آثمان غادران "، ونسبة هذا إلى صحيح مسلم = هذا الادعاء هو من التحريف ، والكذب ، وبتر النصوص عن سياقها، وهو من التصرفات التي شابه بها الرافضة اليهود.
فنص الحديث هو كالآتي:
عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ: ( أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ، قَالَ: فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ لِي: يَا مَالُ! إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غَيْرِي؟ قَالَ: خُذْهُ يَا مَالُ! قَالَ: فَجَاءَ يَرْفَا – خادم عمر-، فَقَالَ: هَلْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ؟ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَأَرِحْهُمْ، فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدَا، أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ! أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ )، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ )، قَالَا: نَعَمْ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ، لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ، قَالَ: ( مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) قَالَ: فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَكُمْ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللهِ، مَا اسْتَأْثَرَ عَلَيْكُمْ، وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ، حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْهُ نَفَقَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ، ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ نَشَدَ عَبَّاسًا، وَعَلِيًّا، بِمِثْلِ مَا نَشَدَ بِهِ الْقَوْمَ، أَتَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُمَا، تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ – أي العباس- مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا – أي علي بن أبي طالب- مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ )، فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ، وَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، فَوَلِيتُهَا، ثُمَّ جِئْتَنِي أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ أَنْ تَعْمَلَا فِيهَا بِالَّذِي كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذْتُمَاهَا بِذَلِكَ، قَالَ: أَكَذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا، وَلَا وَاللهِ، لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ ) رواه البخاري (3094) و (5358)، ومسلم (1757) واللفظ له.
فهذا الحديث نفسه يدل على اعتراف علي رضي الله عنه بخلافة عمر وعدله ، ولذا تحاكم إليه في قضيته مع عمه العبّاس.
وهذا الحديث نفسه يظهر فيه تصديق علي لعمر في كل ما أخبر به ، ولم يعارضه ولم يتهمه بشيء كما هو واضح من نص الحديث.
وأما خطاب عمر رضي الله عنه للعباس وعلي: ( فَرَأَيْتُمَاهُ – أبا بكر الصديق- كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا )، وقوله ( فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا ).
فقال: ( فَرَأَيْتُمَاهُ )، ( فَرَأَيْتُمَانِي )، ولم يقل : "فقلتما".
والمقصود أنه ليس فيه تصريح بأن عليا تفوه بهذا الكلام، فيمكن أن يكون هذا مبالغة في الوصف من عمر رضي الله عنه لشدة مخاصمة علي والعباس رضي الله عنهما لهما في ذلك ، وتكرر ذلك منهما، فكأنهما ، في عدم قبولهما لقضاء عمر وأبي بكر ، واستمرار جدالهما، يتصرفان كتصرف المكذِّب.
ويحتمل أن عليا والعباس قد قالا هذا الكلام، وهم بشر يغضبون كما يغضب البشر .
وهذا من الكلام الذي قد يصدر من الشخص حال غضبه ولا يقصد حقيقته .
بل أبلغ ذلك في الرد على الرافضة المحرفين الكاذبين ما جاب في نفس الحديث ؛ فهذا العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وعم علي بن أبي طالب – في هذا الأثر- قد وصف عليا، صراحة ، مواجهة : بالْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ ، حين قال لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ ).
فهل يقبلون ما في الحديث من ذلك ؛ أو يحملونه على غير محمله الظاهر من الكلام ، كما نقوله نحن أيضا ، ونعتذر به أن العباس قد قالها لما يعلم من مكانته عند علي، فتساهل في الخطاب معه.
قال المازري رحمه الله تعالى:
" فأمثل ما حمل عليه أنه صدر من العبّاس على جهة الإدلال على ابن أخيه؛ لأنّه في الشّرع أنزل مَنزِلَةَ أبيه، وقال في ذلك ما لا يعتقد ، وما يعلم براءة ابن أخيه منه.
ولعله قصد بذلك ردعه وزجره عماَّ يعتقد أنه مخطئ فيه ... " انتهى، من "المعلم بفوائد مسلم" (3 / 18).
ونفس هذا الكلام ينطبق على علي والعباس، فالعباس تساهل في كلامه أثناء الخصام، لما يعلم من مكانته لدى الصديق والفاروق لأنه عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان عمر يستسقي بدعائه.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ ) رواه البخاري (1010).
وعلي رضي الله عنه تساهل في كلامه أثناء المخاصمة، على فرض أنه قاله وصرح به ؛ بسبب أنه يخاصم عن زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم يقال لهؤلاء الرافضة، هل هذا الحديث تذكرونه كدليل لكم؟ أو أنكم لا تصححون أحاديث أهل السنة وإنما تذكرونها كإلزام لهم؟
فإن كنتم تذكرونه كدليل لكم، فيجب أن تأخذون بالحديث كله ، ما دمتم ترون صحته، ولا تنتقون منه ما يوافق هواكم، فهذا من التحريف وعدم العدل في النقاش العلمي، كما هو معلوم لكل عاقل.
وأما إن كنتم لا ترون صحته، وإنما تلزمون به أهل السنة لأنهم يصححونه؟
فهذا الإلزام لا يصح؛ فهذا النص أقصى أحواله أنه نص مشتبه يشكل فهمه، وأهل السنة يجتمعون على قاعدة: أن التحاكم يكون إلى النصوص الواضحة المحكمة، وما جاء من نص مشتبه فإنه يفسر على ضوء النصوص المحكمة، والنصوص المحكمة الواضحة الصحيحة متواترة على اثبات حب علي لأبي بكر وعمر واعترافه بفضلهما وأحقيتهما بالخلافة.
والحاصل :
أن الحديث : إن كان صحيحا ، كما يعتقد أهل السنة : ففيه تبرئة أبي بكر وعمر من كذب الرافضة ، وفريتهم ، وإثبات أن الأنبياء لا يورثون ، وإثبات إمامة الشيخين .... وغير ذلك ، مما يخالف عقائدهم الباطلة .
وإن كان ضعيفا ، كما هو حقيقة مذهبهم في أحاديث أهل السنة ـ الذين يلقبونهم بالجمهور ، ونحو ذلك : فقد بطل تعلقهم به .
فلا يحق للرافضة أن يتعلقوا بالحديث ، ولا أن يحتجوا به ، بحال .
رابعا:
زعم بعض كتاب الرافضة أن عليا رضي الله عنه ساهم في اغتيال عمر رضي الله عنه، هو مجرد كذب، لا يلتفت إليه.
لأنه وفق قواعد الشيعة أنفسهم -ووفق اعتقاد كل عاقل-، فإن التهم في مسائل الدماء وفي كل جناية، لا يمكن إثباتها إلا ببيّنة واضحة.
فاتهام علي رضي الله عنه بهذه التهمة الشنيعة، لا بد من دليل لإثباتها، ولا يوجد.
بل هذه التهمة خلاف ما عرف عن علي رضي الله عنه من الشجاعة والجرأة، فهو رضي الله عنه كان صريحا في تعاملاته وآرائه، ولا يظهر خلاف ما يبطن.
واعجب لهؤلاء الضلال الفجار : كيف يتهمون علي ، بتلك التهمة الشنعاء ، التي ينبغي عليهم أن يسعوا في تنزيهه عنها ، وتبرئتها منها ، لو كانت تهمة تنسب إليه من غيرهم ؛ فكيف إذا كانوا هم الذي يختلقونها زورا وبهتانا ، ويصلقونها بأبي الحسن ، علي رضي الله عنه ، المبرأ من كذبهم ، وفراهم ؟!
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |