عنوان الفتوى : هل زينت حواء لآدم الأكل من الشجرة؟
سألني أحدهم سؤالا : ما معني قول سيدنا آدم عليه السلام لحواء عندما آتت الملائكة لتقبض روحه ، إليك عني إنما أتيت من قبلك أو أوتيت من قبلك ؟ أعلم إنه ضعيف ولكن لا أفهم رده، أنتم تعلمون أن اللغة العربية أصبحت ف عالمنا العربي ليست جيدة.. جزاكم الله خيرا.
الحمد لله.
أولا :
الحديث الذي أورده السائل الكريم يُروى عن أُبي بن كعب موقوفا ومرفوعا ، والصحيح أنه لا يصح عن أُبي ، لا مرفوعا ، ولا موقوفا ، وبيان ذلك كما يلي :
أولا : تخريج الحديث
أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند" (21240) من طريق حميد ، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/33) من طريق إسحاق بن الربيع ، كلاهما عَنْ الْحَسَنِ ، عَنْ عُتَيٍّ ، قَالَ: رَأَيْتُ شَيْخًا بِالْمَدِينَةِ يَتَكَلَّمُ ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ ، فَقَالُوا: هَذَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ .
فَقَالَ:
" إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيْ بَنِيَّ إِنِّي أَشْتَهِي مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ ، فَذَهَبُوا يَطْلُبُونَ لَهُ ، فَاسْتَقْبَلَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَمَعَهُمْ أَكْفَانُهُ وَحَنُوطُهُ ، وَمَعَهُمُ الْفُؤُوسُ وَالْمَسَاحِي وَالْمَكَاتِلُ ، فَقَالُوا لَهُمْ: يَا بَنِي آدَمَ ، مَا تُرِيدُونَ وَمَا تَطْلُبُونَ ، أَوْ مَا تُرِيدُونَ وَأَيْنَ تَذْهَبُونَ؟ ، قَالُوا: أَبُونَا مَرِيضٌ فَاشْتَهَى مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ ، قَالُوا لَهُمْ: ارْجِعُوا فَقَدْ قُضِيَ قَضَاءُ أَبِيكُمْ. فَجَاءُوا ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ حَوَّاءُ عَرَفَتْهُمْ ، فَلَاذَتْ بِآدَمَ ، فَقَالَ: إِلَيْكِ عَنِّي فَإِنِّي إِنَّمَا أُتِيتُ مِنْ قِبَلِكِ ، خَلِّي بَيْنِي وَبَيْنَ مَلَائِكَةِ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى. فَقَبَضُوهُ ، وَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ ، وَحَفَرُوا لَهُ وَأَلْحَدُوا لَه ، وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ، ثُمَّ دَخَلُوا قَبْرَهُ فَوَضَعُوهُ فِي قَبْرِهِ وَوَضَعُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ ، ثُمَّ خَرَجُوا مِنَ الْقَبْرِ ، ثُمَّ حَثَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ ، ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ ".
وقد رواه يونس بن عبيد عن الحسن .
واختلف الرواة عليه :
فرواه عنه هشيم مرة مرفوعا ، كما عند الحاكم في "المستدرك" (1275) .
ورواه عنه هشيم مرة موقوفا، كما عند ابن سعد في "الطبقات" (1/33) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6700) .
ورواه عنه إسماعيل بن علية مرة ، مرفوعا كما عند الحاكم في "المستدرك" (1275) .
ورواه عنه إسماعيل مرة موقوفا ، كما عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (10912) .
ورواه عنه خارجة بن مصعب مرة مرفوعا ، كما عند البيهقي في "السنن الكبرى" (6947) . ورواه عنه خارجة مرة موقوفا ، كما عند أبي داود الطيالسي في "مسنده" (551).
والراجح من ذلك الاختلاف : هو الموقوف .
فحميد ويونس كلاهما من الأثبات في الرواية عن الحسن ، فقد سأل الدارميُ ابن معين فقال: "يونس بن عبيد أحب إِلَيْك فِي الْحسن أَو حميد فَقَالَ كِلَاهُمَا ". اهـ ، كذا في "تاريخ ابن معين رواية الدارمي " (283) .
ثم إن حميدا قد توبع في رواية الوقف من إسحاق بن الربيع أبو حمزة العطار، وهو حسن الحديث ، قال أبو حاتم في "الجرح والتعديل" (2/220) :" يكتب حديثه ، كان حسن الحديث "، وقال ابن حجر في "التقريب" (352) :" صدوق ". اهـ.
وقد قال الحافظ الضياء المقدسي في "المختارة" (4/21) بعد روايته الموقوف والمرفوع قال :" وَالْمَشْهُورُ: غَيْرُ مَرْفُوعٍ ". اهـ
ثم إن الموقوف لا يصح أيضا ، وعلته عُتَيّ (بضم العين ، مصغر) ابن ضَمْرَة ، فإنه مجهول الحال ، قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (7/96) :" قال علي بن المديني عتي بن ضمرة السعدي : مجهول ، سمع من أبي بن كعب ، لا نحفظها إلا من طريق الحسن ، وحديثه يشبه حديث أهل الصدق وإن كان لا يعرف ". اهـ
وفي حاشية المسند ، ط الرسالة (35/163) هـ 2 : " ومدار هذا الحديث عليه، وفد تفرد به، ومثله يضعف فيما يتفرد به، والحديث هنا موقوف، وقد اختُلف في رفعه ووقفه.." انتهى.
ولأجل ضعف "عتي" ، كان الحسن البصري يدلس عنه بعض حديثه .
روى الحاكم بسنده في "معرفة علوم الحديث" (ص118) عن خلف بن القاسم قال :" سَمِعْتُ عِدَّةً مِنْ مَشَايِخِ أَصْحَابِنَا ، تَذَاكَرُوا كَثْرَةَ التَّدْلِيسِ وَالْمُدَلِّسِينَ ، فَأَخَذْنَا فِي تَمْيِيزِ أَخْبَارِهِمْ ، فَاشْتُبِهَ عَلَيْنَا تَدْلِيسُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ كَثِيرًا مَا يُدْخِلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحَابَةِ ، أَقْوَامًا مَجْهُولِينَ ، وَرُبَّمَا دَلَّسَ عَنْ مِثْلِ عُتَيِّ بْنِ ضَمْرَةَ ، وَحُنَيْفِ بْنِ الْمُنْتَجِبِ ، وَدَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ ، وَأَمْثَالِهِمْ ". اهـ
ثانيا :
وأما تفسير قول آدم عليه السلام :" إليك عني إنما أُتيت من قبلك أو أوتيت من قبلك " .
فقال ابن منظور في "لسان العرب" (15/364) والعرب تقول إلَيْكَ عني أَي أَمْسِكْ وكُفَّ ". اهـ
وقال السندي في "حاشية السندي على مسند أحمد" (12/370):
" إليك عني " : أي تبعَّدي عني .
" أُتيت " على بناء المفعول من الإتيان ، أي ما جاءني الذي جاءني من الخروج عن الجنة ، والابتلاء بدار المحنة ". اهـ
يعني : أن هذه المصيبة حصلت بسببك أنت ، يعني : حواء ، بسبب إغرائها لآدم أن يأكل من الشجرة ، على ما روي في ذلك .
فيكون المعنى : كفي عما تفعلين ، وابتعدي عني ، فقد كنت سببا في معصيتي لربي ، وخروجي من جنته .
وهذا فيه تقرير للمعنى المشهور أن حواء زينت لآدم عليه السلام الأكل من الشجرة .
وهذا المعنى لم يثبت به نص من القرآن والسنة الصحيحة المرفوعة ، بل غاية ما ثبت فيه آثار موقوفة على ابن عباس :
أخرجه أحمد بن منيع في مسنده كما في "إتحاف الخيرة المهرة" (6/176) ، وابن المنذر في "الأوسط" (779) ، وابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (307) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5407) ، من طريق يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: " لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا قَالَ آدَمُ: رَبِّ زَيَّنَتْهُ لِي حَوَّاءُ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَعْقَبْتُهَا أَنْ لَا تَحْمِلَ إِلَّا كُرْهًا ، وَلَا تَضَعَ إِلَّا كُرْهًا ، وَدَمَّيْتُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ .
فَرَنَّتْ حَوَّاءُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقِيلَ لَهَا: الرَّنَّةُ عَلَيْكِ وَعَلَى بَنَاتِكِ ".
والأثر صحح إسناده الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (2/515) وقال :" هَذَا مَوْقُوفٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ". اهـ
وهذا الأثر مع صحته عن عبد الله بن عباس ، وكونه مما لا يقال بالرأي ، إلا أنه لا يأخذ حكم المرفوع ، وذلك لأن أهل العلم اشترطوا في مثل ذلك أن يكون الصحابي ممن لم يشتهر عنه الأخذ عن أهل الكتاب .
قال ابن حجر في "نزهة النظر" (ص235) :" ومثال المرفوع مِن القول ، حكماً لا تصريحاً: أَنْ يقولَ الصَّحابيُّ -الَّذي لم يأْخُذْ عَنِ الإِسرائيليَّاتِ- ما لا مجالَ للاجْتِهادِ فيهِ ".اهـ
وعبد الله بن عباس رضي الله عنه أحد العبادلة ممن كان يأخذ عن كعب الأحبار ، ذكر ذلك ابن الصلاح في "معرفة أنواع علوم الحديث" (ص 412) . والغالب في مثل هذه الروايات : أن تكون مما تلقاه عن أهل الكتاب .
قال العراقي في "التبصرة والتذكرة" (1/200) :" فإنَّهُ وإنْ كان لا يقالُ مثلُهُ من جهةِ الرأي ، فلعلَّ بعضَ ذلك سمعَهُ ذلك الصحابيُّ من أهل الكتابِ ، وقد سمعَ جماعةٌ من الصحابةِ من كعب الأحبارِ ، ورَوَوا عنه كما سيأتي ، منهم العبادلةُ ". اهـ
ثم إن الجزم بأن حواء هي من أغوت آدم مخالف لنصوص القرآن الكريم ، حيث صرحت الآيات في مواضع باشتراكهما في الفعل ، أو بنسبة الفعل لآدم عليه السلام وحده ، ولم تذكر الآيات ولو إشارة إلى أن حواء هي سبب الغواية .
ومن هذه الآيات قوله تعالى : وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ البقرة/35 ، 36.
وقوله تعالى: وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ * قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ الأعراف / 19 – 23.
فترى في الآيات قوله :" فوسوس لهما – فلما ذاقا الشجرة – قالا ربنا ظلمنا أنفسنا "
فنسب الفعل لهما جميعا ، ولم ينسبه سبحانه قط لحواء فقط .
ثم إن القول بأن حواء هي من غوت آدم قول يعرف عند اليهود .
قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/78) :" وَفِي كِتَابِ التَّوْرَاةِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ الَّذِي دَلَّ حَوَّاءَ عَلَى الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ هِيَ الْحَيَّةُ وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ الْأَشْكَالِ وَأَعْظَمِهَا فَأَكَلَتْ حَوَّاءُ عَنْ قَوْلِهَا وَأَطْعَمَتْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ". اهـ
وقد ورد حديث صحيح غير صريح فهم منه بعض أهل العلم أن حواء كانت سبب غواية آدم ، وهو الحديث الذي أخرجه البخاري (3330) ، ومسلم (1470) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال: لَوْلاَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْنَزِ اللَّحْمُ ، وَلَوْلاَ حَوَّاءُ لَمْ تَخُنَّ أُنْثَى زَوْجَهَا .
فقد ذكر القاضي عياض والحافظ ابن حجر أنه يشير إلى ما وقع من حواء بتزيينها الأكل من الشجرة لآدم عليه السلام .
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (6/682) وقوله: " لولا حواء لم تخن أنثى زوجها ": يعنى أنها أُمهن فأشبهنها بالولادة ونزع العرق ، لما جرى لها فى قصة الشجرة مع إبليس ، وأن إبليس إنما بدأ بحواء فأغواها وزين لها ، حتى جعلها تأكل من الشجرة ، ثم أتت آدم فقالت له مثل ذلك حتى أكل أيضاً ". اهـ
وقال ابن حجر في "الفتح" (6/368) :" وَقَوْلُهُ " لَمْ تَخُنْ أُنْثَى زَوْجَهَا " : فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا وَقَعَ مِنْ حَوَّاءَ فِي تَزْيِينِهَا لِآدَمَ الْأَكْلَ مِنَ الشَّجَرَةِ حَتَّى وَقَعَ فِي ذَلِكَ ، فَمَعْنَى خِيَانَتِهَا أَنَّهَا قَبِلَتْ مَا زَيَّنَ لَهَا إِبْلِيسُ حَتَّى زَيَّنَتْهُ لِآدَمَ ، وَلَمَّا كَانَتْ هِيَ أُمَّ بَنَاتِ آدَمَ أَشْبَهَهَا بِالْوِلَادَةِ وَنَزَعَ الْعِرْقَ ، فَلَا تَكَادُ امْرَأَةٌ تَسْلَمُ مِنْ خِيَانَةِ زَوْجِهَا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخِيَانَةِ هُنَا ارْتِكَابَ الْفَوَاحِشِ حَاشَا وَكَلَّا ، وَلَكِنْ لَمَّا مَالَتْ إِلَى شَهْوَةِ النَّفْسِ مِنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ وَحَسَّنَتْ ذَلِكَ لِآدَمَ عُدَّ ذَلِكَ خِيَانَةً لَهُ ". اهـ
إلا أن هذا الاستنباط لا دليل عليه كما قدمنا ، وقد فسر جمع من أهل العلم الخيانة في هذا الحديث أنها تركت النصيحة لآدم عليه وسلم وطاوعته في الأكل من الشجرة.
قال ابن هبيرة في الإفصاح (7/230) :" قيل: إن خيانتها لزوجها ، أنها لما رأت آدم قد عزم على الأكل من الشجرة تركت نصحه ...لأن ذلك ... ترك النصح له خيانة ؛ فعلى هذا ، كل من رأى أخاه المؤمن على سبيل ذلك فترك نصحه بالنهي عن ذلك النهي فقد خانه ". اهـ
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل" (3/504) :" وَأما خِيَانَة حَوَّاء زَوجهَا فَإِنَّهَا كَانَت فِي ترك النَّصِيحَة فِي أَمر الشَّجَرَة لَا فِي غير ذَلِك ". اهـ
ولذا فالراجح في هذه المسألة أنه لم يثبت بدليل صحيح صريح أن حواء زينت لآدم عليه السلام الأكل من الشجرة ، وأنهما جميعا قد وسوس لهما الشيطان ، وأنهما جميعا أكلا من الشجرة ، وأن ما ورد في ذلك من الأحاديث المرفوعة لا يصح ، أو صحيح غير صريح كما قدمنا .
والواجب في مثل هذه الأمور الغيبية أن نقف فيها عند النصوص الصحيحة ، ويجب ألا نعتمد فيها على الإسرائيليات المليئة بالكذب والبهتان ، خاصة وأن صريح القرآن يخالفها .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |