عنوان الفتوى : الأدلة على كذب دعوى رجوع ابن تيمية عن العقيدة السلفية
ورد في كتب الأشاعرة: أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد تراجع عن عقيدته السلفية عند سجنه بمصر سنة 707هـ، ووافقهم في عدة مسائل كالاستواء، وكلام الله -عز وجل-. فهل هذا صحيح؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا غير صحيح، ولو كان صحيحًا لوجد ما يدل عليه في كتبه الكثيرة، ومما ذُكر في الرد على هذا الكلام، وتبين زيفه، أمور منها:
1- أن كتبه -رحمه الله- طافحة بمناصرة عقيدة السلف، والرد على الأشاعرة في المسائل التي خالفوا فيها معتقد السلف، ولا يعقل أن يكون على عقيدة يناقش أهلها، ويرد عليهم في كتبه المختلفة، فهذا تناقض صارخ، ثم كيف يتحول إلى عقيدة، ولا نجد له قولًا واحدًا يدل على تحوله المزعوم، رغم طول الفترة بين سجنه في مصر وبين وفاته ( أكثر من 20 سنة )، ووفرة مؤلفاته في تلك الفترة؟!
2- أن أغلب تلامذته المشهورين لم يأخذوا عنه إلا بعد عودته من مصر، ولو كان تحول إلى الأشعرية لظهر ذلك في مناهجهم وكتبهم، ولتأثروا به.
ومن أشهر هؤلاء التلاميذ: الإمام ابن القيم -رحمه الله-، وقد التقي بشيخ الإسلام سنة 712هـ، ولازمه حتى وفاته، يقول ابن كثير -عند ترجمته لابن القيم-: ولد في سنة إحدى وتسعين وستمائة، وسمع الحديث، واشتغل بالعلم، وبرع في العلوم المتعددة، لا سيما علم التفسير، والحديث، والأصلين، ولما عاد الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الديار المصرية في سنة ثنتي عشرة وسبعمائة لازمه إلى أن مات الشيخ، فأخذ عنه علمًا جمًّا. اهـ. فهل يسوغ في عقل عاقل أن ابن القيم الذي نعرف كتبه، ومنهجه، وردوده على الأشاعرة يكون شيخه ابن تيمية آنذاك أشعريًّا؟!
3- أن تقي الدين السبكي وهو من أشهر خصوم ابن تيمية، وله ردود كثيرة عليه تدل على اختلافه معه في بعض المسائل العقائدية، وقد نظم قصيدة بعد وفاة شيخ الإسلام يقول فيها: إنه لو كان ابن تيمية ما زال حيا لرد عليه في بعض آرائه وأقواله، حيث يقول فيها:
يرى حوادث لا مبدا لأولها ... في الله سبحانه عما يظن به.
لو كان حيا يرى قولي ويفهمه ... رددت ما قال أقفو إثر سببه.
كما رددت عليه في الطلاق وفي ... ترك الزيارة ردا غير مشتبه.
ومعلوم أنه لو كان ابن تيمية قد تحول إلى مذهب الأشعرية لما كان للسبكي من داع في الرد عليه في تلك المسائل العقائدية.
ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 7022، 209659، 76817.
والله أعلم.