عنوان الفتوى : هل يجوز القرض الربوي لسداد الدين وتطوير محل العمل
أنا متعثر، وعلي حمل كبير من الديون، يصل لحوالي عشرة آلاف جنيه، وشغلي على قدر مصاريفي أنا وأسرتي، وأفكر في أخذ قرض لأن الديون كثرت علي لدرجة أني لم أعد أعرف كيف أشتغل، وشغلي مهدد بسبب ديوني، فهل لو أخذت قرضا سددت به جزءا من الديون، والباقي طورت به المحل الذي عندي عسى أن أوسع رزقي، فهل هذا حرام؟ مع العلم أني مضطر لذلك ومجبر عليه لضيق الحال. ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان القرض قرضا حسنا لا ربا فيه فذلك جائز، وإن كان الأولى تركه، وإن كان قرضا ربويا فإن التعامل بالربا من اقتراض بفائدة وغير ذلك، محرم ومن كبائر الذنوب، ففي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله؛ وما هن؟ قال: الشرك بالله ، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
وقد توعد الله آكل الربا بالمحق، وذهاب البركة، إضافة إلى أن صاحبه معلن للحرب مع جبار السماوات والأرض، قال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة:279}، ولهذا استحق صاحبه أن يلعن ، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وعلى ذلك فلا يجوز أخذ القرض الربوي إلا لضرورة ملجئة، وقد بينا حد الضرورة المبيحة للاقتراض بالربا في الفتاوى التالية أرقامها: 198199، 6501، 178181 وما أحيل عليه فيها.
فإن تحققت الضرورة جاز الاقتراض وإلا فلا.
وأما الاقتراض لمجرد سداد الديون فلا يجوز ما لم تتحقق من أن عدم السداد يلحق بك الضرر كأن يؤدي بك إلى السجن، والمدين المعسر لا يجب عليه الاقتراض من أجل قضاء الدين، وإنما يجب على الدائن إنظاره إذا ثبت عسره؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 21048.
كما أن تطوير المحل ليس بضرورة في ذاته. وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 125184 ، 244075، 49952
وحيث كنت صادقا في نية قضاء ديونك، فإنا نبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله عز وجل. رواه أحمد وغيره.
وننصحك بأن تكثر من الأدعية المأثورة في قضاء الدين، وقد بينا طرفا منها في الفتوى رقم: 47551.
والله أعلم.