عنوان الفتوى : حكم من ترك السعي في الحج
حججت أنا ووالدتي منذ سنوات حج تمتع، ولكننا لم نسع سعي الحج، وذلك جهلا منا، وهذا العام إن شاء الله سوف نحج إلى بيت الله الحرام، وذلك عن أبي المتوفى وجدتي المتوفاة، فماذا علينا أن نفعل وبالترتيب؟ وهل لو كان علينا أن نسعى سعي الحج وإعادة الطواف، ـ كنت قد قرأت ردودا بأن علينا إعادة الطواف والسعي ـ هل تكون نيتنا إكمال النسك وأركب الطائرة بالملابس العادية ونطوف ونسعى؟ ثم نخرج إلى الميقات للإحرام لعمرة حج هذا العام؟ آسف للإطالة، وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد كان ينبغي لك أيها السائل حين حججت أن تتعلم ما تؤدي به عبادتك على الوجه الذي يرضي ربك، ولا تتعدى به حدوده، والجهل ليس عذرا في هذا ما دمت قادرا على التعلم، أو سؤال أهل العلم، والسعي ركن من أركان الحج في قول جمهور أهل العلم لا يتم الحج إلا به، قال الإمام النووي في شرح مسلم: مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج لا يصح إلا به، ولا يجبر بدم ولا غيره، وممن قال بهذا مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال بعض السلف: هو تطوع، وقال أبو حنيفة: هو واجب فإن تركه عصى وجبره. اهــ .
وما دمت قد حججت متمتعا فإن المتمتع يلزمه سعيان في قول جمهور أهل العلم ـ خلافا لمن قال يكفيه سعي واحد ولو بعد طواف القدوم ـ كما رجحناه في الفتوى رقم: 43425، فعلى قول الجمهور فإنك لم تكمل حجك، ولم تتحلل من الإحرام التحلل الثاني، فالواجب عليك الآن أن ترجع إلى مكة، وإذا وقع جماع خلال تلك السنين فإن الحج لا يفسد، ولكن يفسد الإحرام لأن الجماع من محظورات الإحرام التي لا تحل إلا بالتحلل الثاني، فتحرم من الميقات، وإذا قدمت مكة طفت وسعيت وتكون بهذا قد تحللت من تلك الحجة، وعليك مع ذلك فدية عن هذا المحظور وهي على التخيير: شاة تذبحها في مكة وتفرقها على الفقراء، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، ثم إذا جاء يوم الثامن من ذي الحجة أحرمت لحج هذه السنة، وإذا أردت أن تعتمر قبل يوم الثامن لأجل أن يكون حجك تمتعا فلك ذلك، فتحرم من الحل كالتنعبم، وانظر المزيد في الفتوى رقم: 122341، عمن حج متمتعا ولم يسع، ومثلها الفتوى رقم: 164919.
والله تعالى أعلم