عنوان الفتوى : حكم من كان يصلي ويصوم وهو جنب جهلا بالغسل وكيفيته
علمت من موقعكم أن الصوم لا يشترط لصحته الغسل. فما حكم من كان لا يغتسل من الجنابة، ويصوم، ويصلي جهلا منه بالغسل وكيفيته؟ وهل هناك فرق في حكم من فعل ذلك عن قصور أو تقصير؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فغسل الجنابة شرط في صحة الصلاة، فمن صلى جنبا، فصلاته باطلة تجب إعادتها، لفقد شرط من شروط الصلاة، ولو جهلا.
جاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: (والشرط) الشرعي (ما يتوقف عليه صحة مشروطه) صلاة كان، أو غيرها (إن لم يكن عذر) تعجز به عن تحصيل الشرط، (فمتى أخل بشرط لغير عذر لم تنعقد صلاته) لفقد شرطها (ولو) كان التارك للشرط (ناسيا) له (أو جاهلا) به. انتهى.
وعلى هذا، فمن كان يصلي بدون غسل الجنابة جهلا، وجب عليه القضاء عند الجمهور. فإن كان ضابطا لعدد الصلوات الباطلة، وجب قضاء عددها على الترتيب، وإن جهل العدد فليواصل القضاء حتى يغلب على ظنه براءة الذمة، وكيفية قضاء الفوائت الكثيرة سبق بيانها في الفتوى رقم: 61320.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن وافقه من أهل العلم بعدم وجوب القضاء في هذه الحالة، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 161717.
ولا فرق هنا بين كون الشخص مقصرا في تعلم أحكام الغسل، أو غير مقصر، لكن المكلف يجب عليه تعلم أحكام فروض العين كالصلاة، وما يتوقف على صحتها من أحكام الوضوء، والغسل مثلا.
قال الخادمي الحنفي في بريقة محمودية، ممزوجا بكتاب طريقة محمدية: حاصله أن العلم تابع للمعلوم، فإن كان المعلوم فرضا، أو حراما ففرض، أي فالعلم به فرض للامتثال في الأول، والاجتناب في الثاني، وإن كان واجبا، أو مكروها فواجب، أي فتعلمه واجب للإقدام في الأول، والكف عن الثاني. هذا مبني على ما قرر في الأصول من أن وجوب الشيء يدل على حرمة تركه، وحرمة الشيء تدل على وجوب تركه. انتهى.
أما بالنسبة للصوم، فلا يشترط لصحته الطهارة، ولا يبطله تركها عمدا، أو جهلا.
والله أعلم.