عنوان الفتوى : البعد عن الاستدانة أولى

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

‏ بوركت جهودكم على ما تقدمون. ‏أنا معلم، متزوج، وعندي ولد، ‏وراتبي 620 دينارا أردنيا، ولله ‏الحمد أسكن في بيت صغير، لا ‏تتعدى مساحته 40 مترا مربعا، بنيته ‏فوق منزل أهلي في منطقة شعبية ‏في عمان، أصبحت الأوضاع فيها لا ‏تطاق بسبب انتشار الجريمة، وقلة ‏النظافة، والفساد الأخلاقي، وأذى ‏الجيران الذي لا ينتهي؛ مما يتسبب ‏لي بضغط نفسي من هول ما أرى ‏وأسمع. فكرت في الرحيل، ومغادرة ‏المنطقة إلى منطقة أنظف، وأرقى عن ‏طريق نظام المرابحة عبر البنوك ‏الإسلامية، لشراء شقة، ولا أعلم ما ‏الذي يترجح لدي، هل هو احتمال الأذى، ‏والفساد في منطقتي، أو حصول دين ‏علي للبنك، قد يستمر لعشرين سنة، ‏بسبب المرابحة والدنيا فيها حياة، ‏وموت، وأنا أكره أن أكون مدينا كل هذه ‏السنوات الطوال؛ لما علمت من النهي ‏الشرعي عن الدين.‏ ‏ فما رأيكم دام فضلكم؟ ‏

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ‏ومن والاه، أما بعد:‏

فلا شك أن ركوب الدين لا سيما لمدة ‏طويلة، فيه خطر على الدائن، فالبعد ‏عنه أولى، وإن كانت الاستدانة مباحة ‏في الأصل.

جاء في الموسوعة ‏الفقهية عن حكم الاستدانة: الأْصْل فِي الاِسْتِدَانَةِ الإْبَاحَةُ؛ لِقَوْلِهِ ‏تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ‏تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ‏فَاكْتُبُوهُ} وَلأِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه ‏وسلم كَانَ يَسْتَدِينُ، وَقَدْ تَعْتَرِيهَا ‏أَحْكَامٌ أُخْرَى بِحَسَبِ السَّبَبِ الْبَاعِثِ ‏‏... اهــ.
وفيها أيضا: أمَّا الاِسْتِدَانَةُ لِسَدِّ ‏حَاجَةٍ مِنَ الْحَاجِيَّاتِ، فَهُوَ جَائِزٌ إِنْ ‏كَانَ يَرْجُو وَفَاءً، وَإِنْ كَانَ الأْوْلَى لَهُ ‏أَنْ يَصْبِرَ. لِمَا فِي الاِسْتِدَانَةِ مِنَ ‏الْمِنَّةِ.

قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ. لاَ ‏بَأْسَ أَنْ يَسْتَدِينَ الرَّجُل إِذَا كَانَتْ لَهُ ‏حَاجَةٌ لاَ بُدَّ مِنْهَا، وَهُوَ يُرِيدُ ‏قَضَاءَهَا. وَكَلِمَةُ " لاَ بَأْسَ " إِذَا ‏أَطْلَقَهَا فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَعْنُونَ ‏بِهَا: مَا كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ، أَمَّا ‏إِذَا كَانَ لاَ يَرْجُو وَفَاءً، فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ ‏الاِسْتِدَانَةُ، وَالصَّبْرُ وَاجِبٌ؛ لِمَا فِي ‏الاِسْتِدَانَةِ مِنْ تَعْرِيضِ مَال الْغَيْرِ إِلَى ‏الإْتْلاَفِ. اهــ.
والذي يمكننا قوله لك هو: أن الصبر ‏على ما أنت فيه، أفضل من الاستدانة. ‏ومع هذا لا نحجر أمرا واسعا. فإن ‏كان البنك يجري المرابحة بشروطها ‏الشرعية، وكنت قادرا على الوفاء، فلا ‏حرج عليك في شراء بيت عن ‏طريقه، وإن كان لا يجريها ‏بشروطها الشرعية، لم يجز شراء ‏البيت عن طريقهم. وانظر الفتوى ‏رقم: 255652، والفتوى رقم: ‏‏166517 في الشروط الواجب ‏توافرها في المرابحة.‏
والله أعلم. ‏