عنوان الفتوى : الترهيب من البهتان والقذف
أريد أن أستفتي فضيلتكم في أمر ظهر في قريتنا، وأرجو الرد عليه بالتفصيل؛ لأنني سوف أقوم بنشر رأي فضيلتكم على صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لعل الله يجعل لكلامكم الفضل في انتهاء هذه الغمة. قام أحد الشباب، أو الفتيات–العلم عند الله- في قريتنا بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي باسم بنت من بنات القرية، وقام بالتشهير بها، وقذفها بقول كل ما يسيء إليها، وإلى أهلها، ولا أحد يعلم من وراء تلك الصفحة. ثم تبع ذلك قيامه بذكر بعض أسماء الأشخاص من القرية نفسها، حتى تم عمل جلسات عرفية، ووقع الكثير من أهل القرية في مشاكل جراء هذا الفعل. واشتد الأمر سوءا بوفاة والد الفتاة، جراء ما عاناه من تشهير بسمعته، وسمعة أهل بيته، وبناته. سؤالي الآن: ما حكم من قام بتلك الأعمال؟ وهل يأثم بالقتل الخطأ أم لا؟ وماذا يفعل ليتوب الله عليه؟ وماذا يفعل أهل القرية إن استمر في غيه، وتشهيره؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن هذا إثم عظيم، وبهتان مبين!! فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.
ونعوذ بالله من الخذلان، والوقوع في البهتان؛ فقد قال ربنا تبارك وتعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. [النساء: 112]. وقال سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. [الأحزاب: 58]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: من حمى مؤمنا من منافق يعيبه، بعث الله تبارك وتعالى ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن رمى مؤمنا بشيء يريد به شينه، حبسه الله تعالى على جسر جهنم حتى يخرج مما قال. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.
وهذا البهتان إن كان رميا بفعل الفاحشة، فهو القذف الموجب للعن المهلك لصاحبه -والعياذ بالله ـ؛ قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ. [النور: 23 - 25].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. رواه البخاري ومسلم. والموبقات قال البخاري: يعني بذلك المهلكات. اهـ.
والمقصود أن هذا العمل قبيح شنيع، وإثمه عظيم، وإذا ترتب عليه قتل إنسان، أو موته كمدا وغما، فإنه يبوء بالإثم.
وأما بقية السؤال فراجع في جوابه الفتوى رقم: 7017، ورقم: 262978.
والله أعلم.