عنوان الفتوى : هل يصح أن يكون مقدم الصداق مصحفا من القرآن الكريم؟
" ما حكم أن يكون مهر الزوجة أن يعطيها الزوج القران الكريم ، ويكون هناك مؤخر إن حصل طلاق ؟
الحمد لله
ذهب عامة العلماء إلى أن المهر يشترط فيه أن يكون مالاً متقوما – كذهب أو نقد أو متاع - ، ويمكن أن يكون خدمة أو منفعة يؤديها الزوج للزوجة ، كتعليمها القرآن أو علم نافع أو الحج بها ، ويدل لذلك قول الله تعالى : وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ النساء/24 .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 39 / 155 ، 156) :
"جمهور الفقهاء - المالكية والشافعية والحنابلة - أن كل ما جاز أن يكون ثمناً أو مثمناً أو أجرة: جاز جعله صداقاً ... .
وصرَّح الحنفية بأن المهر ما يكون مالاً متقوَّماً عند الناس ، فإذا سمَّيا ما هو مال : يصح التسمية ، وما لا : فلا" انتهى.
والمصحف - ورقه وحبره وتجليده ، وكلفة عمله – كل ذلك يعتبر مالا متقومًا ؛ ويصح بيعه وشراؤه عند جمهور العلماء.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصحيح: أنه يجوز بيع المصحف ويصح ، للأصل، وهو الحل، وما زال عمل المسلمين عليه إلى اليوم، ولو أننا حرمنا بيعه لكان في ذلك منع للانتفاع به؛ لأن أكثر الناس يشح أن يبذله لغيره، وإذا كان عنده شيء من الورع وبذله، فإنه يبذله على إغماض، ولو قلنا لكل أحد إذا كنت مستغنياً عن المصحف، يجب أن تبذله لغيرك ، لشق على كثير من الناس .
وأما ما ورد عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ [يعني من منع بيع المصحف] : فلعله كان في وقت يحتاج الناس فيه إلى المصاحف ، وأن المصاحف قليلة فيحتاجون إليها ، فلو أبيح البيع في ذلك الوقت لكان الناس يطلبون أثمانا كثيرة لقلته ؛ فلهذا رأى - رضي الله عنه - ألا يباع " انتهى من "الممتع شرح زاد المستقنع" (8/119) .
وسئل رحمه الله : هل شراء المصحف ومن ثم بيعه محرم حيث يقول الله تعالى: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلاً الآية أرجو بهذا إفادة مأجورين ؟
فأجاب :
"بيع المصحف وشراؤه : لا بأس به ولا حرج فيه ، وما زال المسلمون يتبايعون المصاحف من غير نكير ، ولا يمكن انتشار المصحف بين أيدي الناس إلا بتجويز بيعه وشرائه ، أو إيجاب إعارته لمن يستغني عنه ، كما ذكره بعض أهل العلم .
وأما الآية الكريمة التي ذكرها السائل، فإن المراد بذلك من يكتبون الكتاب بأيديهم ويحرفونه بالزيادة والنقص، ليشتروا به ثمناً قليلاً ، فهنا يحق عليهم الوعيد؛ لأنهم حرفوا كلام الله من أجل أن يتوصلوا إلى ما يريدون من أغراض الدنيا ، سواء كانت أموالاً أو جاها أو غير ذلك " انتهى من فتاوى "نور على الدرب" .
وعلى ذلك :
فيصح أن يكون الصداق مصحفًا من القرآن الكريم ، معجلا كان أو مؤجلا .
ويصح أيضا أن يكون الصداق : أن يعلم الرجل زوجته القرآن الكريم . وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (205727)، (101758).
والله أعلم.