عنوان الفتوى : تفسير قوله تعالى: (كأنهن بيض مكنون) .

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

بالنسبة لتفسير القرآن عن الحور ( كأنهن بيض مكنون) سمعت بعض السلف مثل ابن زيد والحسن يقولون : إن لون الحورية هو أبيض مصفر ، وكثير من العلماء قالوا بذلك ، كنت أتساءل ، قيل لي : إن ذلك يعني اللون الحنطي باللغة العربية ، وكنت أتساءل ، هل هذا متناقض مع الآية الكريمة ، وتفسيرها الذي يقول أن بياضهن كاللؤلؤ ، والذي قد قال به ابن زيد والحسن أيضاً ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله

اختلف العلماء في سبب تشبيه الحور العين بالبيض المكنون في قوله تعالى: (كأنهن بيض مكنون) [الصافات: 49]:

1- فقيل: شُبِّهن ببطن البيض في البياض، وهو الذي داخل القشر، وذلك أن ذلك لم يمسه شيء.

2- وقيل: بل شُبهن بالبيض الذي يحضنه الطائر، فهو إلى الصفرة، فشبه بياضهن في الصفرة بذلك .

فلونها أبيض في صفرة، ويقال: هذا أحسن ألوان النساء : أن تكون المرأة بيضاء مشربة صفرة، والعرب تشبهها ببيضة النعامة.

3- وقال آخرون: بل عنى بالبيض في هذا الموضع: اللؤلؤ، وبه شبهن في بياضه وصفائه .

قال الطبري: " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: شبهن في بياضهن، وأنهن لم يمسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان ؛ ببياض البيض الذي هو داخل القشر، وذلك هو الجلدة الملبسة المح ، قبل أن تمسه يد أو شيء غيرها، وذلك لا شك هو المكنون؛ فأما القشرة العليا فإن الطائر يمسها، والأيدي تباشرها، والعش يلقاها.

والعرب تقول لكل مصون: مكنون ، ما كان ذلك الشيء ، لؤلؤا كان أو بيضا أو متاعا "، تفسير الطبري: (19/ 541)، وتفسير البغوي: (7/ 40).

وهذا لا يتعارض مع الآية، فإن الأبيض قد يكون مشربًا بحمرة، وقد يكون مشربًا بصفرة، ومع هذا فهو أبيض، والعرب تعرف ذلك .

قال ابن عطية: " وأما قوله كأنهن بيض مكنون : فاختلف الناس في الشيء المشبه به :ما هو؟ فقال السدي وابن جبير: شبه ألوانهن بلون قشر البيضة الداخلي ، وهو الغِرْقِيّ [= القشرة الرقيقة الملتزقة ببياض البيض ] . وهو المكنون : أي : المصون في كِنٍّ ، ورجحه الطبري ...

وقال الجمهور : شبه ألوانهن بلون قشر بيض النعام ، وهو بياض قد خالطته صفرة حسنة .

قالوا: والبيض نفسه ، في الأغلب ، هو المكنون بالرِّيش ، ومتى شَذَّت به حال ، فلم يكن مكنونا : خرج عن أن يُشَبَّه به، وهذا قول الحسن وابن زيد ... ؛ وهذا المعنى كثير في أشعار العرب ...

وقالت فرقة إنما شبههن تعالى بـ البيض المكنون : تشبيها عامّا جملةَ المرأة ، بجملة البيضة ؛ وأراد بذلك تناسب أجزاء المرأة ، وأن كل جزء منها نسبته في الجودة إلى نوعه ، نسبة الآخر من أجزائه إلى نوعه ، فنسبة شعرها إلى عينها مستوية إذ هما غاية في نوعهما، والبيضة أشد الأشياء تناسب أجزاء، لأنك من حيث جئتها فالنظر فيها واحد "، المحرر الوجيز: (12/356-358).

ونقل القاسمي عن الشهاب قوله: " وهذا على عادة العرب في تشبيه النساء بها.

وخصت ببيض النعام، لصفائه وكونه أحسن منظرا من سائره. ولأنها تبيض في الفلاة وتبعد ببيضها عن أن يمس ؛ ولذا قالت العرب للنساء (بيضات الخدور) .

ولأن بياضه يشوبه قليل صفرة ، مع لمعان، كما في الدرّ. وهو لون محمود جدا ؛ إذ البياض الصِّرف غير محمود ؛ وإنما يحمد إذا شابهُ قليلُ حُمرة في الرجال، وصُفرة في النساء "، تفسير القاسمي: (8/ 209).

والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...