عنوان الفتوى : حول صحة الحديث الذي فيه قصة الدجال وعدم إخراج مالك له في الموطأ
لماذا لم يرد ذكر قصة الدجال في الموطأ علي الرغم من شهرتها بين أهل المدينة ؟ ألا يدل ذلك علي ضعفها ؟
الحمد لله
أولا :
من اعتقاد أهل السنة والجماعة الإيمانُ بخروج المسيح الدجال آخر الزمان ، وقد تواترت الأحاديث الصحيحة على ذلك .
قال الإمام أحمد في "أصول السنة" (ص33) :" وَالْإِيمَان أَن الْمَسِيح الدَّجَّال خَارج ، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ (كَافِر) ، وَالْأَحَادِيث الَّتِي جَاءَت فِيهِ ، وَالْإِيمَان بِأَن ذَلِك كَائِن ، وَأَن عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام ينزل فيقتله بِبَاب لد ". انتهى .
وقال ابن أبي زمنين في "أصول السنة" (ص188) :" وَأَهْلُ اَلسُّنَّةِ يُؤْمِنُونَ بِخُرُوجِ اَلدَّجَّالِ أَعَاذَنَا اَللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنْ فِتْنَتِهِ ". انتهى
وأنكرها بعض أهل البدع، كالمعتزلة قديما ، و"العقلانيين" حديثا. والأحاديث الصحيحة المتواترة ، والإجماع : حجة عليهم .
ثانيا :
أما ما ذكره السائل حول أن الإمام مالك رحمه الله لم يذكر قصة المسيح الدجال في الموطأ على شهرتها بين أهل المدينة ، وأن هذا دليل على ضعفها ، فهذا خطأ بلا شك ، لما يلي :
1- إن كان قصد السائل بقصة الدجال: الأحاديث التي فيها ذكر الدجال، فهذا غير صحيح ؛ حيث إن الإمام مالك قد روى بإسناده في الموطأ أربعة أحاديث مختلفة في ذكر الدجال ، وهي :
الموضع الأول : روى مالك رحمه في "الموطأ" (447) بسنده عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي ، فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إلى السَّمَاءِ ، وَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ ، قَالَتْ: فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ الماء فَوْقَ رَأْسِي ، فلما انصرف رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: حمد الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا ، حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ .
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ ، مِثْلَ أَوْ قَرِيب مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، لا أَدْرِي أي ذلك.
قَالَتْ أَسْمَاءُ يُؤْتَى أَحَدُكُمْ ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ: لا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ، وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا ، وَآمَنَّا ، وَاتَّبَعْنَا ، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ صَالِحًا ، قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ ، أَوِ الْمُرْتَابُ: لا أَدْرِي أي ذلك ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَيَقُولُ: لا أَدْرِي ، إلا أني سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا ، فَقُلْتُهُ.".
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه (184) من طريق الإمام مالك .
الموضع الثاني : روى مالك رحمه الله في "الموطأ" (501) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أن رسول اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم: كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ ، كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ.".
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه (590) من طريق الإمام مالك .
الموضع الثالث : روى مالك رحمه الله في "الموطأ" (1582) بسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم:" عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ ؛ لا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ ".
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه (1880) ، ومسلم في صحيحه (1379) ، كلاهما من طريق الإمام مالك .
الموضع الرابع : روى مالك رحمه الله في "الموطأ" (1640) بسنده عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ: أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ ، قَدْ رَجَّلَهَا وهِيَ تَقْطُرُ مَاءً ، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ ، يَطُوفُ بالبيت ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فقَالُوا: هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، ثُمَّ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى ، كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِالوا: هَذَا الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ ".
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه (5902) من طريق الإمام مالك .
2- إن كان قصد السائل بقصة الدجال : حديث تميم الداري رضي الله عنه المشهور بحديث الجساسة ، فهذا الحديث صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (2942) من حديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها قالت : سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي ، مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ:" لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ "، ثُمَّ قَالَ:" أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: " إِنِّي وَاللهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ ، لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا ، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ ، فَلَعِبَ بِهِمِ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ ، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ ، قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا ، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا ، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا ، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي ، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ ، فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا ، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا ، فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ ، قُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا ، وَفَزِعْنَا مِنْهَا ، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً ، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا ، هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ ، قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَر ، قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ ، هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ ، قَالَ: أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ ، قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ ، قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي ، إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا ، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً - أَوْ وَاحِدًا - مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا ، يَصُدُّنِي عَنْهَا ، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ:" هَذِهِ طَيْبَةُ ، هَذِهِ طَيْبَةُ ، هَذِهِ طَيْبَةُ " - يَعْنِي الْمَدِينَةَ – " أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟» فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ ، فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ ، أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ ، وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ ، أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ ، أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ، مَا هُوَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ ، قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
والحديث لم يخرجه البخاري ، ومع ذلك صححه كما في "العلل الكبير " للترمذي (607) .
وينظر جواب السؤال رقم (82643).
وأما كون الإمام مالك لم يخرجه في الموطأ فهذا لا يطعن في صحة الحديث ، حيث أن الإمام مالك لم يستوعب في موطئه الأحاديث الصحيحة ، ولم يقل أحد إن شرطه الاستيعاب ، ولم ينقل عن الإمام مالك : أن ما لم يروه في موطئه فهو ضعيف عنده .
ثم إن كتاب الموطأ يغلب عليه سمة الفقه ، حتى إنه لم يذكر في كتابه أبوابا كثيرة ، من العقائد والسير والتفسير والرقاق وغيرها .
ثم إن حديث الجساسة قد رواه أحد أكبر شيوخ الإمام مالك ، وهو من أكابر رواة الحديث بالمدينة وفقهائها ، وهو أبو الزناد عبد الله بن ذكوان .
حيث في أحد طرق الحديث التي أخرجها مسلم في صحيحه (122) (2942) قال الإمام مسلم : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ يَعْنِي الْحِزَامِيَّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ به .
وينظر للفائدة : (244500).
وختاما : نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من فتنة المسيح الدجال ، آمين .
والله أعلم