عنوان الفتوى : حكم خروج المعتدة للفسحة والنزهة
توفي أبي رحمه الله منذ شهرين، ولم تخرج أمي إلى أي مكان بحكم عدتها، ولكن أخي يريدها أن تخرج قليلا لتتفسح، كالذهاب للحدائق أو البحر، ولكن بعيدا عن الناس، فهل هذا يجوز أم لا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء - ومنهم أئمة المذاهب الأربعة - إلى أن للحادة الخروج من منزلها في عدة الوفاة نهاراً إذا احتاجت إلى ذلك، كما أنه يجوز في الليل أيضا للحاجة عند جمهور الفقهاء، إلا أنها لا تبيت إلا في بيتها، والتفسح والتنزه ليسا من الحاجات التي يرخص لها في الخروج لأجلها.
وقد فصل العلامة ابن عثيمين رحمه الله في أحوال خروج المعتدة وحكم كل حال، فقال: "لا يخلو خروج المعتدة من ثلاث حالات: إما أن يكون لضرورة، أو لحاجة، أو لغير ضرورة ولا حاجة. الحال الأولى: إذا كان لغير ضرورة ولا حاجة، فإنه لا يجوز، مثل لو قالت: أريد أن أخرج للنزهة، أو للعمرة، فإنه لا يجوز، لأنه ليس لحاجة ولا لضرورة. الحال الثانية: أن يكون الخروج من البيت للضرورة، فهذا جائز ليلاً ونهاراً، مثلاً حصل مطر، وخشيت على نفسها أن يسقط البيت فإنها تخرج للضرورة، لكن إذا وقف المطر وصُلِّح البيت ترجع، ومثل ذلك لو شبت نار في البيت. الحال الثالثة: أن يكون لحاجة، مثل لو ذهبت تشتري -مثلاً- عصيراً، أو تشتري شاياً، ومنها: أن تكون مدرِّسة فتخرج للتدريس في النهار، ومنها: أن تكون دارسة فتخرج للدراسة في النهار لا في الليل، ومنها: أنها إذا ضاق صدرها فإنها تخرج إلى جارتها في البيت لتستأنس بها في النهار فقط، لأن أزمة ضيق الصدر قد تتطور إلى مرض نفسي، ومنها: أن تخرج لتزور أباها المريض، فهي حاجة من جهة الأب، ومن جهتها هي، أما هي فستكون قلقة، حيث لم ترَ بعينها حال أبيها، وأما أبوها فإن قلب الوالد يحن إلى ولده، فنقول: لا بأس أن تخرج لتعود أباها إذا مرض، أو أمها، أو أحداً من أقاربها، فلها أن تخرج نهاراً لا ليلاً، ووجه التفريق بين الليل والنهار أن الناس في النهار في الخارج والأمن عليها أكثر، وبالليل الناس مختفون والخوف عليها أشد. اهـ من شرح زاد المستقنع بتصرف يسير.
وبذا تعلم أنه ليس لأمك الخروج إلا لما تدعو إليه الحاجة، أما مجرد التفسح والتنزه فلا تخرج له حتى تنقضي عدتها، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 153159 - 9037 - 11576 .
والله أعلم.