عنوان الفتوى : وقع في الصرف المؤجل فما يلزمه؟
أقوم ببيع العملات مثل الدولار بـ الدينار الجزائري، وعندي سؤالين: 1- لقد علمت مؤخرا من عدة فتاوى متعلقة ببيع العملات ، أنها تجوز ، ولكن ينبغي أن تكون في المجلس ؛ لكي لا يحصل ربا النسيئة ـ والله أعلم ـ ، لكن هذا الأمر كنت غافلا عنه سابقا ، أو ربما كنت أجهله ؛ لأنني أحيانا أقوم بتعاملات ، وأطلب منه مراسلتي في نفس وقت البيع ، وهذا في بعضها سابقا ربما لم أكن مطلعا على الفتوى كاملة ، أو لا أدري ، وربما كنت غافلا ، المهم إنني في الأشهر السابقة قمت بعدة تعاملات للبيع ، حيث أقوم بالعرض فيتم الدفع بالدينار ، ولكنني أحتاج لرؤية وصل إرساله ، وعندما أراه ـ و هذا من أجل التحقق ، أعرف رقم هاتفه ، وبريده الإلكتروني ، أما أنا فوثائقي كلها عند المشرف ، فأقوم بإرسال المال مباشرة ، وأحيانا أكون في العمل ، وأحتاج للانتظار حتى المساء من ذلك اليوم عند الرجوع من العمل ، وأحيانا بعد رؤية الوصل ، أريد أن أرسل له فأجد مشكلة في حسابي الإلكتروني ، وهذا يؤخر الإرسال كذلك ، فما حكم المال الذي أملكه من تعاملاتي الحالية ، هل يدخل في ربا النسيئة ، وهل المبررات المتعلقة الآنفة الذكر قد تمنع وقوع هذه الربا ؟ 2- وإذا كان من ربا النسيئة ، وحتى ما ذكرته من مبررات لا تمنع الوقوع فيه ، فماذا أفعل بالمال ، وهو مبلغ كبير ؟ وكيف أتوب من هذا ؟ وباختصار ما هو الحل لهذا الأمر؟ وماذا أصنع بالمال ؟ ؛ لأنني خائف جدا ، وفي هذه المسائل أصبح أشد خوفا ؛ لأن أمر الربا أمر عظيم ، لا أريد الوقوع فيه ، طرحي لهذا السؤال لغفلتنا ، ولتساهل البعض الآخر رغم إن المسألة صعبة جدا . -
الحمد لله.
الواجب في بيع العملات مع اختلاف الجنس: التقابض في المجلس، وذلك أن العملات أصبحت ثمن الأشياء، وقيمة لما يقوّم منها، فلها ما للذهب والفضة من الأحكام، فيجري فيها قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ ...... فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (11/ 9): " وأجمعوا على أنه لا يجوز بيع الربوي بجنسه وأحدهما مؤجل، وعلى أنه لا يجوز التفاضل إذا بيع بجنسه حالا كالذهب بالذهب، وعلى أنه لا يجوز التفرق قبل التقابض ، إذا باعه بجنسه أو بغير جنسه مما يشاركه في العلة ، كالذهب بالفضة، والحنطة بالشعير، وعلى أنه يجوز التفاضل عند اختلاف الجنس إذا كان يدا بيد، كصاع حنطة بصاعي شعير" انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (129043) ، وفيه قرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الخصوص.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " المعاملة بالبيع والشراء بالعُمَل جائزة، لكن بشرط التقابض
يداً بيد إذا كانت العمل مختلفة، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما ، يداً بيد : فلا بأس، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد، فيقبض منه ويُقبضه في المجلس، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية أو غيرها، بعملة ليبية أو غيرها، يداً بيد فلا بأس.
أما إذا كانت إلى أجل: فلا يجوز .
وهكذا ، إذا لم يحصل التقابض في المجلس : فلا يجوز، لأنه والحال ما ذكر يعتبر نوعاً من المعاملات الربوية .
فلا بد من التقابض في المجلس ، يداً بيد ، إذا كانت العُمَل مختلفة .
أما إذا كانت من نوع واحد : فلا بد من شرطين: التماثل والتقابض في المجلس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ. . . ثم ذكر الحديث).
والعُمَل حكمها حكم ما ذكر؛ إن كانت مختلفة جاز التفاضل مع التقابض في المجلس، وإذا كانت نوعاً واحداً ، مثل دولارات بدولارات، أو دنانير بدنانير : فلا بد من التقابض في المجلس والتماثل، والله ولي التوفيق " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (19/ 171 - 174).
وهذا التقابض يكون حقيقيا ، بالتقاء المتصارفين في مجلس واحد .
ويكون حكميا، بحصول ما يعتبر قبضا شرعا ، كالإيداع في الحساب، في نفس الوقت.
وانظر: جواب السؤال رقم (110938) .
وعليه :
فلا حرج أن تتاجر في العملة ، إذا حصل التقابض في المجلس، فتدخل العملتان إلى حسابيكما في نفس المجلس.
ولا يجوز ما ذكرت من التأخر ، لأجل كونك في العمل، أو لرؤية وصل إرساله ، إلا إن كنت ستراه ، وتودع المال في حساب المرسل : في نفس المجلس.
ويجب أن تتحقق من سلامة حسابك الإلكتروني ، وأدوات تواصلك ، قبل بدء المصارفة.
وما خرج عن إرادة الإنسان فهو معذور فيه، كما لو كان المتصارفان قد شرعا في المبادلة، فأودع أحدهما المال، وتعطل جهاز الآخر فلم يتمكن من الإيداع .
لكن البيع هنا يفسد بسبب عدم تحقق الشرط الذي هو التقابض ، ويكون المال المودع أمانة عند من أرسل إليه .
وهنا يمكن تدارك الأمر وتصحيح المعاملة ، بأن لا يودع الطرف الثاني المال حتى يتصل بصاحبه وتتم المصارفة من جديد ، على هذا المال الذي صار أمانة .
ثانيا:
أما ما سبق من المعاملات : فالغالب فيها أنه لا يمكن تداركها ، وتصحيح عقدها .
وعليه : فنرجو أن لا يكون عليك حرج فيما قبضته وربحته من أموال ، فاستغفر الله تعالى وأحسن في المعاملات المستقبلة ، قال الله تعالى : (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ) البقرة/275 .
فإن أمكن التدارك وتصحيح العقد ، كأن يرجع مال كل إنسان له ، مثلا ، ثم تجري عملية التبادل : وجب ذلك .
وإلا ، فلا يلزمك شيء، فيما سبق من معاملات ، قبل علمك بتحريمها .
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري |
---|
وقع في الصرف المؤجل فما يلزمه؟ |
وقع في الصرف المؤجل فما يلزمه؟ |