عنوان الفتوى : النصيحة تكون باللطف واللين
أنا منذ نصف شهر أو أكثر تبت توبة صادقة إن شاء الله، وأصبحت أحب الخلوة والاستماع إلى القرآن والتلاوة والمحاضرات، فهل هذا الشيء جيد ويدل على اقترابي من الله عز وجل؟ وقد أصبحت أستغرب من بعض الأشخاص من حولي، وبدأت أنبههم لأي ذنب أو خطأ محرم بالإسلام، حتى في إحدى المرات تكلم ابن خالتي كلاما فقلت له: حرام، لا تخبص، فقال لي: تكلم يا أبا هريرة، فقلت له: إن شاء الله تحشر مع أعداء أبي هريرة، فاستغرب وصمت، فهل وصلت لدرجة تشدد وتكفير؟ رغم أني أشعر أنه ليس تكفيرا، لكن شدة خوفي من الله وحبي الشديد لتطبيق شرع الله بحذافيره هو ما يدفعني لذلك. وأصبحت أيضا عندما أمسك القرآن للقراءة وأكون وحدي أشعر أني أريد أن أضمه، ويأتيني شعور كأنما تمسك طفلا تحبه ولم تره منذ فترة، وأتأثر بأي محاضرة أو آية أسمعها، عندما يكون الملقي يبكي أو صوته فيه خشوع، فهل أمشي على الطريق الصحيح وتطبيق السنة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالتوبة والإنابة إلى الله، ونرجو لك الثبات والقبول، ثم إن حبك للخيرات وتأثرك بقراءة القرآن وبكاؤك خشيةً لله، وكرهك للمنكرات، كلها أدلة على صدق توبتك وقبولها، وأنك على الطريق الصحيح إن شاء الله تعالى، لكننا نوصيك بعدم التشدد مع نفسك أو غيرك، فإذا أردت أن تنصح من يفعل شيئا محرما فانصحه بلطف ولين دون رفع صوت أو دعاء عليه، فذلك هو المنهج الرباني الصحيح في الدعوة إلى الله، قال الله سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ {النحل:125}، وأمر الله موسى وهارون بالرفق مع فرعون وملاطفته في الكلام، رغم أنه طاغية جبار يدعي الألوهية، قال تعالى: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه:44}.
وإذا أردت أن تعرف المقصود بالتشدد المذموم، والفرق بينه وبين الورع والخوف من الله فراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 139733 - 132474 - 69967 - 47304 .
والله أعلم.