عنوان الفتوى : حكم قول: "ربي لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين" أربعين مرة ساجدًا لقضاء الحاجة
ما حكم الشرع في قول: "ربي لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين" أربعين مرة ساجدًا، فقد سمعت شيخًا من المشايخ في التلفاز لحصة العرجون القديم أنه من قالها أحسب أن الله يرزقه ما يرجوه من الله بإذنه، وقال عن نفسه أنه فعل ذلك الأمر، واستجاب الله له، وقال رجل له في الحصة: وهو سعيد جدًّا أنه حرم الذرية، ففعل هذا الدعاء أربعين مرة هو وزوجته ثلاثة أيام، فرزق الولد أي أن زوجته حملت؟ فهل هذا الأمر بدعة أم جائز؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا دعاء نبي الله زكريا؛ قال تعالى: وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (90) سورة الأنبياء.
ولكن لم يرد تحديده بأربعين مرة، ومن ثم فالمواظبة عليه بهذه الصفة اعتقادًا بسنيتها قد تدخل في ضابط البدعة الإضافية، وراجعي الفتوى رقم: 631.
وقد بينا في الفتوى رقم: 183265 أن ما لم يرد فيه تحديد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالمتعين ترك التحديد فيه.
وأما تكراره من غير تحديد فلا حرج فيه، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 95908.
وإجابة دعاء بعض الناس على هذه الصفة لا يدل على مشروعيتها، وكم استجاب الله عز وجل لفاسق، بل كافر، وقد يكون عنده اضطرار، أو نحو ذلك، وغير ذلك، وانظر الفتوى رقم: 217456.
فالتوافق القدري: أي إجابة الدعاء - ولو فيه بدعة - لا تعني مشروعيته؛ قال ابن تيمية -رحمه الله-: وهؤلاء الذين يستغيثون بالأموات من الأنبياء، والصالحين، والشيوخ، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم غاية أحدهم أن يجرى له بعض هذه الأمور، أو يحكى لهم بعض هذه الأمور، فيظن أن ذلك كرامة وخرق عادة بسبب هذا العمل، ومن هؤلاء من يأتي إلى قبر الشيخ الذي يشرك به، ويستغيث به، فينزل عليه من الهواء طعام، أو نفقة، أو سلاح، أو غير ذلك مما يطلبه، فيظن ذلك كرامة لشيخه، وإنما ذلك كله من الشياطين، وهذا من أعظم الأسباب التي عبدت بها الأوثان، وقد قال الخليل عليه السلام {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} {رب إنهن أضللن كثيرًا من الناس} كما قال نوح -عليه السلام- ومعلوم أن الحجر لا يضل كثيرًا من الناس إلا بسبب اقتضى ضلالهم، ولم يكن أحد من عباد الأصنام يعتقد أنها خلقت السماوات والأرض، بل إنما كانوا يتخذونها شفعاء ووسائط.
والله أعلم.