عنوان الفتوى : هل الأحاديث الواردة في فضل اليمن يدخل فيها أهل إقليم حضرموت في اليمن ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

يقول الرسول صلى عليه وسلم : (أتاكم أهل اليمن ......) ، هل أهل حضرموت يشملهم هذا الحديث ، والأحاديث الأخرى في فضائل أهل اليمن، حيث يقال : إن حضرموت كانت كيانا منفصلا عن اليمن تماما ؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله

أولا :

حضرموت إقليم من أقاليم اليمن من الناحية الجغرافية ، وهذا أمر متقرر لدى العرب من قديم .

قال ياقوت الحموي رحمه الله :

" قال الأصمعي: اليمن وما اشتمل عليه حدودها بين عمان إلى نجران ، ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن إلى الشحر حتى يجتاز عمان ، فينقطع من بينونة ، وبينونة بين عمان والبحرين ، وليست بينونة من اليمن .

وقيل: حد اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت والشحر وعمان إلى عدن أبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود واليمن تجمع ذلك كله " انتهى من

"معجم البلدان" (5/447) .

ونقل ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/1403) عن ابن إسحاق قوله :

" وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قسم اليمن على خمسة رجال: خالدُ بنُ سعيد على صنعاء، والمهاجرُ بن أبي أمية على كندةَ، وزيادُ بن لبيد على حضرموت، ومعاذُ بن جبل على الجند، وأبو موسى الأشعري على زَبيد، وزمعةَ، وعدن، والساحل " انتهى .

وقال الزبير بن بكار رحمه الله : " حضرموت آخر اليمن " انتهى من "الفتح" (6/171) .

وقال الشيخ عبد القادر العيدروس : " حضرموت بلد باليمن " انتهى من "النور السافر" (1/62).

وقد وقفنا على عدد من كتب البلدان ومعالمها والسيرة والتاريخ وشروح الأحاديث وغيرها تنص على أن حضرموت إقليم يمني ، أقصى اليمن ، وذلك كثير جدا .

ينظر "مطالع الأنوار على صحاح الآثار" (2/387) ، "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" للكرماني (14/175) ، و"مصابيح الجامع" لابن الدماميني (1/285) ، "فتح الباري" لابن حجر (1/106) ، "عمدة القاري" للعيني ، و"شرح القسطلاني" (6/60) .     

ثانيا :

أما الأحاديث الواردة في فضائل اليمن ، فهي أحاديث كثيرة .

ولكن هل تدخل جميع أقاليم اليمن في الأحاديث الواردة في فضل أهل اليمن ، أم هي مخصوصة بمن وردت فيهم كالأشعريين ؟

الجواب : هناك نوعان من الأحاديث :

أما الأحاديث العامة ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا) ، فهي لـ"جهة اليمن" كلها، وهذا أمر واضح .

وأما الأحاديث الواردة في سبب خاص كحديث "أتاكم أهل اليمن ..." ، فمن أهل العلم من قال هي مختصة بأقوام من أهل اليمن قيلت فيهم ، ومنهم من خصها بأهل ذلك العصر ، ومن أهل العلم من قال بعموم اللفظ .

وسبق ذكر شيء من ذلك في جواب السؤال رقم (175077) ورقم (212956) فليراجع .

وأيا ما كان توجيه الحديث فإن توارد الأحاديث في فضائل أهل اليمن، يدل على مزية وفضل خاص لأهل اليمن من إقليم حضرموت وبقية الأقاليم ، يشرف به جميع المؤمنين المنتسبين إلى هذا القطر، ويغبطهم عليه أهل البلاد الأخرى، وحسبهم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالبركة .

وقد قال ابن حجر بعدما ذكر بعض الأقوال التي تُضيّق مفهوم (أهل اليمن) الوارد في الحديث :

" وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (الْإِيمَانُ يَمَانٍ) مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَا ذكره ابن الصَّلَاحِ .

وَحَاصِلُهُ : أَنَّ قَوْلَهُ (يَمَانٍ) : يَشْمَلُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْيَمَنِ بِالسُّكْنَى وَبِالْقَبِيلَةِ ، لَكِنْ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ يُنْسَبُ بِالسُّكْنَى أَظْهَرُ ، بَلْ هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَحْوَالِ سُكَّانِ جِهَةِ الْيَمَنِ ، وَجِهَةِ الشِّمَالِ؛ فَغَالِبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ رِقَاقُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ" انتهى من "فتح الباري" (8/99).

 والله أعلم .