عنوان الفتوى : هل يضاعف ثواب جميع الأعمال الصالحة في الحرمين كالصلاة
سيدي سؤالي لفضيلتكم هو: هل مضاعفة أجر الصلاة في الحرمين المكي والمدني تنسحب على كل العبادات المشروعة كالصيام، والصدقة، والذكر، وقراءة القرآن، والدعاء؟ ما هي أقول العلماء في هذا الباب مع الدليل؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد ذهب بعض العلماء إلى أن جميع القرب يضاعف ثوابها في مكة بمائة ألف، وليس هذا خاصا بالصلاة.
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في الفتاوى الفقهية الكبرى عن مضاعفة الحسنات في مكة: بَلْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، أَوْ الْحَسَنِ أَنَّ «حَسَنَةَ الْحَرَمِ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ» أَيْ غَيْرِ الصَّلَاةِ لِمَا مَرَّ فِيهَا. اهــ.
والحديث المشار إليه رواه الحاكم والبيهقي وابن خزيمة مرفوعا: من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة، كتب الله له بكل خطوة سبع مائة حسنة، كل حسنة مثل حسنات الحرم» قيل: وما حسنات الحرم؟ قال: « بكل حسنة مائة ألف حسنة» اهـ.
وقد اختلف العلماء في صحة الحديث، فمنهم من صححه كالحاكم ورده الذهبي بقوله: ليس بصحيح، أخشى أن يكون كذبا، وعيسى - أحد رواته - قال أبو حاتم : منكر الحديث. اهــ. وممن ضعفه ابن الجوزي والألباني.
وذهب آخرون إلى أن المضاعفة بذلك العدد جاءت في الصلاة دون غيرها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: فإن قال قائل: وهل تضاعف بقية الأعمال الصالحة هذا التضعيف؟
فالجواب: أن تضعيف الأعمال بعدد معين توقيفي، يحتاج إلى دليل خاص، ولا مجال للقياس فيه، فإن قام دليل صحيح في تضعيف بقية الأعمال أخذ به، ولكن لا ريب أن للمكان الفاضل، والزمان أثراً في تضعيف الثواب، كما قال العلماء ـ رحمهم الله ـ: إن الحسنات تضاعف في الزمان، والمكان الفاضل، لكن تخصيص التضعيف بقدر معين، يحتاج إلى دليل خاص. اهــ.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: الأدلة الشرعية على أن الحسنات تضاعف في الزمان الفاضل، والمكان الفاضل مثل رمضان، وعشر ذي الحجة, والمكان الفاضل كالحرمين، فإن الحسنات تضاعف في مكة، والمدينة مضاعفة كبيرة، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلاة في مسجدي هذا، خير من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا. رواه أحمد وابن حبان بإسناد صحيح. فدل ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة في سوى المسجد النبوي, وتضاعف بمائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم, وبقية الأعمال الصالحة تضاعف, ولكن لم يرد فيها حد محدود إنما جاء الحد والبيان في الصلاة، أما بقية الأعمال كالصوم، والأذكار، وقراءة القرآن، والصدقات، فلا أعلم فيها نصا ثابتا يدل على تضعيف محدد, وإنما فيها في الجملة ما يدل على مضاعفة الأجر وليس فيها حد محدود. اهــ.
والله أعلم.