عنوان الفتوى : أوصى لحفيداته وأمهن للإضرار بابنه في الميراث
هل يجوز للوالد ـ وله ثلاثة أبناء ـ أن يكتب لبنات وزوجة أحد الأبناء أرضا باسمهن ، بغرض الإضرار بالابن الوارث ؟ لأنه كان على خلاف شرعي معه في أيامه الأخيرة ، حيث إن الوالد كان يحث البنات على عمل مخالفات شرعية ؛ كالذهاب للكوافير ، ولبس لباس غير لائق ، وغير شرعي ، ووالدهن يمنعهن من ذلك بمحاولة الإقناع بالأدلة الشرعية ، ولكن الوالد كان يسفه آراء الابن عند بناته ، ويسبه لهن ، وأنه لا يفهم شيء ، والدين يسر ، وكذا ، وكذا. وهل ما كتبه في عقود لهن غير مسجلة يخصم من ميراث الابن ؟
الحمد لله.
أولا:
يجوز للإنسان أن يوصي لغير وارث في حدود ثلث ماله ، بشرط ألا يقصد الإضرار بالورثة.
وبنات الابن، وزوجته : لسن من الورثة، فتجوز الوصية لهن ، من حيث الأصل.
لكن حيث كان القصد من الوصية الإضرار بالابن الوارث ، وإنقاصه نصيبه في حال إرثه من أبيه، أو كان القصد إعطاء ابنه الآخر أزيد من نصيبه ، فأخرج ذلك في صورة الإعطاء لزوجته وابنته؛ فإن هذه الوصية محرمة؛ لقوله تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ) النساء/12
قال ابن كثير رحمه الله في
تفسيره :
" أي : لتكن وصيته على العدل ، لا على الإضرار والجور والحيف ، بأن يحرم بعض الورثة
أو ينقصه ، أو يزيده على ما قدر الله له من الفريضة، فمن سعى في ذلك ، كان كمن ضاد
الله في حُكمه ، وقسمته " انتهى .
ولهذا قال ابن عباس رضي الله
عنه : " الإضرار في الوصية من الكبائر ".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/359) : "رواه سعيد بن منصور موقوفا بإسناد
صحيح ، ورواه النسائي ورجاله ثقات" .
وسواء أوصى لمن ذكرت ، أو وهبهم في الحياة ، أو باعهم بيعا صوريا، فإنه إذا كان لقصد الإضرار بالورثة : فهو محرم.
جاء في " فتاوى اللجنة
الدائمة " (13/214): " أنا عندي من الأولاد بنت واحدة ، وأملك بيتا من طابقين ، ولي
إخوان ، فهل أستطيع أن أمنح بنتي جزءا من البيت ، أم هذه المنحة تؤثر على حق الورثة
، وبالتالي تكون المنحة حراما ؟
الجواب :
إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك مُنَجَّزا ، ولم تقصد حرمان بقية الورثة ، بأن
قَبَضَتْهُ في الحال ، وملكت التصرف فيه - فلا بأس بذلك ؛ لأن هذا من باب العطية .
وإن كان منحك لها بالوصية : فهذا لا يجوز ؛ لأنه لا وصية لوارث ؛ لما ثبت أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ( لا وصية لوارث ) " انتهى .
وجاء فيها (16/ 484) : " ربي
رزقني ولله الحمد بأربع بنات قصر (10، 8، 5، 3 سنوات) وزوجة، ولي شقيقة متزوجة ،
ولها أولاد، وأمتلك عمارة من أربع شقق، فكتبت عقد بيع بيني وبين زوجتي بقيمة ثلث
العمارة، وكتبت عقد بيع آخر بيني وبين زوجتى قابلة للشراء للبنات بقيمة الثلث
الثاني. الثلث الأول للزوجة، والثلث الثاني للبنات، وتركت الثلث الثالث. وطبعا
أصارحكم القول بأنني لم أستلم أي مبلغ، والغرض من ذلك حتى لا ينازعهم أحد في
الميراث، لأنهم بنات (أي: ذرية ضعفاء) فما حكم ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يتخذ إجراء عقد توليج لماله [ = التوليج : هو أن يكون
قصده أن يعطيهم عطية أو هبة ، ويخرج ذلك في صورة البيع ] ؛ لحرمان بعض الورثة.
والله سبحانه وتعالى مطلع على كل عبد ونيته وقصده، ونحذرك أن تسلك طريقا تعذب بسببه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم" انتهى .
الشيخ بكر أبو زيد ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ
عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
فينبغي نصح المذكور، وتخويفه بالله تعالى، ليعدل عن هذا التصرف.
وليعلم أن قدحه في ابنه أمام بناته ، وتسفيهه لرأيه، خطأ تربوي فادح ، حتى لو كان الابن مخطئا في رأيه، فكيف لو كان مصيبا يريد منع بناته من اللباس الذي لا يليق.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |