عنوان الفتوى : حكم صب ماء الرقية في الحمام
إذا تم مسح الجسم بالماء، أو الزيت المرقي. هل يجب عند الاستحمام عدم صب ماء الاستحمام في الحمام؟ وماذا عن الملابس أين يجب غسلها إذا ابتلت بهذا الماء، أو أصابها الزيت؟ إن كان يجب عدم صب ماء الاستحمام، أو غسالة الملابس في الحمام، فسوف يكون ذلك صعبا بسبب عدم وجود مكان مناسب لهذا الأمر. وأيضا عند شرب الماء المرقي، إذا سال هذا الماء في مكان آخر من الجسم، أو الملابس. هل يجب بعد غسل هذه الأماكن صب الماء في مكان غير الحمام؟ وهل يجب ذلك حتى إذا جف الماء المرقي؟ وماذا يفعل الشخص إذا سُكب الماء، أو الزيت المرقي على السجادة، أو الأرض؟ وأخيرا هل لماء زمزم الذي لم تقرأ عليه الرقية، نفس الحكم إذا استعمل كما ذكر سابقا، أو سُكب، أو حدثت الأمور التي تم ذكرها في الماء، والزيت المرقي؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أنه يشرع للمسلم رقية نفسه، وعلاجها بالقرآن الكريم، فيمكن أن يقرأ آيات، وينفث في زيت الزيتون، أو ماء زمزم أو غيره من المياه، ثم يمسح به جلده، أو يغتسل به، مع الحرص على حفظ الماء المقروء عليه من أن يمشي في مصاريف الحمامات التي يمشي معها الأذى.
ففي فتاوى الشيخ عليش المالكي: مَا قَوْلُكُمْ فِي غَسْلِ اللَّوْحِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ قُرْآنٌ، بِمَوْضِعٍ نَجِسٍ، أَوْ يُدَاسُ بِالْمَدَاسِ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ.
لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ: وَمِنْ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا يُمْحَى مِنْ اللَّوْحِ بِالْبُزَاقِ، وَإِنَّمَا يُغْسَلُ بِالْمَاءِ، وَمِنْ حُرْمَتِهِ إذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ أَنْ لَا يُصَبَّ فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ، وَلَا فِي مَوْضِعٍ يُوطَأُ؛ فَإِنَّ لِتِلْكَ الْغُسَالَةِ حُرْمَةً. وَكَانَ السَّلَفُ يَسْتَشْفُونَ بِهَا. نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ تَفْسِيرِهِ، وَفِي الْمَدْخَلِ أَنَّ هَذِهِ الْغُسَالَةَ إمَّا أَنْ تُصَبَّ فِي بَحْرٍ، أَوْ بِئْرٍ، أَوْ حُفْرَةٍ طَاهِرَةٍ لَا تُوطَأُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. انتهى.
وقال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: قال الخلال: إنما كره الغسل به؛ لأن العادة أن ماء الغسل يجري في البلاليع، والحشوش. فوجب أن ينزه ماء القرآن من ذلك، ولا يكره شربه؛ لما فيه من الاستشفاء. اهـ.
وأما عن زمزم، فقد نص كثير من الفقهاء على كراهة استعمال ماء زمزم في مواضع الامتهان، كأن تزال به النجاسة، أو يراق في محل نجس مثلا.
قال البهوتي في كشاف القناع: (و) كذا يكره (استعمال ماء زمزم في إزالة النجس فقط). اهـ.
وعلة الكراهة أنه ماء معظم، مبارك. وقد وردت أحاديث كثيرة في فضله، فمن ذلك: ما رواه الطبراني في معجمه الكبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم. والحديث صحيح.
وقال ابن القيم: هو سيد المياه، وأشرفها، وأجلها قدرا، وأحبها إلى النفوس، وأغلاها ثمنا، وأنفسها عند الناس، وهو هزمة جبريل، وسقيا إسماعيل. اهـ.
أما ما مسح به الجلد من ذلك الماء، فإنه قد يتشربه الجسم ولا يبقى له أثر يطلب احترامه عند الاغتسال، ومثله ما رشت به الثياب، وما تقاطر على السجادة، أو الأرض فلا حرمة له؛ وراجع الفتوى رقم: 45637، والفتوى رقم: 66104
والله أعلم.