عنوان الفتوى : معنى وثواب: سبحان الله رضى نفسه، وسبحان الله مداد كلماته
أخرج مسلم في صحيحه وغيره حديث جويرية بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ عن تسبيح النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظ مخصوصة: وسؤالي يخص لفظتي: سبحان الله رضى نفسه، وسبحان الله مداد كلماته، فهل أجر هذه التسبيحات لا ينقطع بمعنى أنها تدخل في الحسنات الجاريات التي لا تنقطع عن صاحبها في قبره؟. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذا الذكر من أعظم الأذكار وأكثرها أجرا.. ولكننا لم نقف على أن أجره لا ينقطع، وقد قال عنه شراح الحديث: مَعْنَاهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَسْتَحِقُّ التَّسْبِيحَ بِعَدَدِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ـ وَرِضَا نَفْسِهِ سبحانه وتعالى، غَيْرُ مُنْقَطِعٍ، فَإِنَّ رِضَاهُ عَمَّنْ رَضِيَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ لَا يَنْقَطِعُ وَلَا يَنْقَضِي، وَمَعْنَى وَزِنَةَ عَرْشِهِ أَيْ بِمِقْدَارِ وَزْنِهِ يُرِيدُ عِظَمَ قَدْرِهَا... وَهَذَا تَمْثِيلٌ يُرَادُ بِهِ التَّقْرِيبُ، لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَدْخُلُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ والْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَأَنَّ قَائِلَهَا يُدْرِكُ فَضِيلَةَ تَكْرَارِ الْقَوْلِ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ، وَالظَاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفَضَائِلَ لِكُلِّ ذَاكِرٍ، وَذَكَرَ بَعْض الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْفَضْلَ الْوَارِدَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالْأَذْكَارِ إنَّمَا هُوَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ فِي الدِّينِ وَالطَّهَارَةِ مِنْ الْجَرَائِمِ الْعِظَامِ وَلَيْسَ مَنْ أَصَرَّ عَلَى شَهَوَاتِهِ، وَانْتَهَكَ دِينَ اللَّهِ وَحُرُمَاتِهِ بِلَا حَقٍّ مِنْ الْأَفَاضِلِ الْمُطَهَّرِينَ فِي ذَلِكَ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْله تَعَالَى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ { الجاثية: 21} الْآيَةَ. ملخصا من شروح الحديث.
والله أعلم.