عنوان الفتوى : إطلاق كلمة (الزبانية) على أعوان الظلمة
أجدد شكري لكم على هذا الموقع الرائع وجزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه للمسلمين من علم وما تيسرونه لنا من وصول المعلومات بسهولة ويسر، وسؤالي بخصوص كلمة كثيرا ما نسمعها عندما يذكر اسم طاغية يقال فلان وزبانيته، فالزبانية ـ كما هو معلوم ـ ملائكة العذاب، فهل يجوز هذا القول؟. ولكم مني جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في إطلاق هذا اللفظ، فإنه وإن كان مستعملاً في معنى ملائكة العذاب، ولكنه أعم من ذلك، فهو يشمل الشًرط والمتمردين، قال ابن الجوزي في زاد المسير: قال قتادة: الزبانية في كلام العرب الشرط، قال الفراء: كان الكسائي يقول: لم أسمع للزبانية بواحد، ثم قال بأخرة واحد الزبانية زبني، فلا أدري أقياسا منه أو سماعا، وقال أبو عبيدة: واحد الزبانية زبنية، وهو كل متمرد من إنس أو جان، يقال فلان زبنية عفرية، قال ابن قتيبة: وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع كأنهم يدفعون أهل النار إليها، قال ابن دريد: الزبن الدفع يقال ناقة زبون إذا زبنت حالبها ودفعته برجلها، وتزابن القوم تدارؤوا، واشتقاق الزبانية من الزبن. والله أعلم.
وقال ابن عاشور: فالزبانية الذين يزبنون الناس، أي يدفعونهم بشدة، والمراد بهم ملائكة العذاب، ويطلق الزبانية على أعوان الشُّرطة، وأمّا قولُ الله تَعَالَى: نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ {العلق: 18}فإنّ سَلمَة رَوَى عَن الفرّاء أَنه قَالَ: يَقُول الله: نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ـ وهم يَعمَلون بِالْأَيْدِي والأرجُل، فهم أَقْوى، والناقة تَزْبِن الحالبَ برِجْلَيْها، قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: وَاحِد الزَّبانِيَة زِبْنيّ، وَقَالَ قَتَادَة: الزبّانيةُ: الشُّرَط فِي كَلَام الْعَرَب، وَقَالَ الزّجّاج: الزَّبانِيَة الغِلاظ الشِّداد، واحدهم زِبْنِيَّة، وهم هَؤُلَاءِ الملائكةُ الّذين قَالَ الله: وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلاَظٌ { التَّحْرِيم: 6} وهم الزَّبانية، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: خُذ بقرْدَنِه وبَزبُّونَته، أَي: بعُنُقه، وَقَالَ حسّان: زَبانِيةٌ حَوْلَ أبياتهمْ وخُورٌ لَدَى الحَرْبِ فِي المَعْمَعَهْ. انتهى.
وقد استعملت هذه الكلمة في عدة مواضع من كتب التاريخ إشارة إلى الشرط، وأعوان الظلمة.
والله أعلم.