عنوان الفتوى : حكم تخيل الفتاة غير المتزوجة أن يكون لها زوج، وحكم الماء النازل من ذلك
ما حكم أن تتخيل الفتاة غير المتزوجة أن لديها زوجًا، وأسرة، وأطفالًا كما في الحياة الحقيقية، ما عدا الجماع نفسه، ولا يقودها ذلك إلى إثم أكبر؟ وهل الماء النازل يوجب الغسل؟ وقد اطلعت على الفتاوى المتعلقة بالموضوع، وذكر في الفتوى رقم: 36728 أنه يجوز، فكيف أطابق هذا الكلام مع أن الإثم هو ما حاك في النفس، وكرهت أن يطلع عليه، وهذا الشيء مما يكره الاطلاع عليه - بارك الله فيكم -؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد وقع خلط في كلام السائلة؛ إذ جاء في أوله السؤال عن حكم تخيل الفتاة غير المتزوجة أن لديها زوجًا، وأسرة، وأطفالًا كما في الحياة الحقيقية ما عدا الجماع... ثم أحالت على فتوى بعنوان: الحكم الشرعي في تخيل الفتاة المجامعة.
وعلى أية حال، فلا حرج في التخيلات المذكورة طالما أنها لا تؤدي إلى إثارة الشهوة، وتحريك الغريزة.
والمحرم هو تعمد الفتاة تخيل العلاقة الجنسية بينها وبين شخص ليس زوجًا لها؛ قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور:33}.
قال الشيخ السعدي عند تفسير هذه الآية: ... هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعف، أن يكف عن المحرم، ويفعل الأسباب التي تكفه عنه، من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تخطر بإيقاعه فيه. اهـ.
وراجعي الفتوى رقم: 111167.
وفي خصوص قول السائلة: "كيف أطابق هذا الكلام مع أن الإثم هو ما حاك في النفس، وكرهت أن يطلع عليه، وهذا الشيء مما يكره الاطلاع عليه"
فالجواب عنه أن الكراهة المقصودة هي الكراهة الدينية، بأن يتردد الشخص فيه خوفًا من أن يكون فيه ذنب.
قال النووي في شرح مسلم: ومعنى حاك في صدرك، أي: تحرك فيه وتردد، ولم ينشرح له الصدر، وحصل في القلب منه الشك، وخوف كونه ذنبًا. اهـ.
وجاء في الأحاديث الأربعين النووية مع ما زاد عليها ابن رجب، وعليها الشرح الموجز المفيد لعبد الله بن صالح المحسن.
قال: ما حاك في صدرك: ما اختلج في نفسك، وتردد في قلبك، وكرهت: كراهة دينية، أن يتطلع عليه الناس: أهل العلم، والدين. اهـ.
وكراهة الاطلاع في الذي ذكرته السائلة ليست كراهة دينية، بل لأنه يتنافى ومكارم الأخلاق، وبذلك يزول الإشكال.
وأما بالنسبة للماء النازل، فيختلف حكمه إن كان مذيًا، أو منيًا، وما إذا كان خرج بلذة أم لا؟ على التفصيل الموضح في الفتوى رقم: 22212.
وأما تجويز تخيل الجماع الوارد في الفتوى رقم: 36728 ، فمحله ما بين الزوجين إذا لم يؤد إلى الحرام، لا الخيال الجنسي من الفتاة العزبة ولو ما دون الجماع، فالموضوعان متغايران.
والله أعلم.