عنوان الفتوى : فضائل نسب رسول الله، وسبب حرص عمر بن الخطاب على نسب رسول الله
ما فضل نسب الرسول؟ ولماذا حرص عمر بن الخطاب على نسبه مع أنه يشترك مع الرسول في كعب بن لؤي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلنسب الرسول الله صلى الله عليه وسلم خصائص عدة، منها أنه لا ينقطع يوم القيامة، وراجع الفتوى رقم: 74428.
وقد عدد بعض العلماء جملاً منها؛ قال القاضي عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى:
وأما شرف نسبه، وكرم بلده، ومنشئه فمما لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَيْهِ، وَلَا بَيَانِ مُشْكِلٍ، وَلَا خَفِيٍّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ نُخْبَةُ بَنِي هَاشِمٍ، وَسُلَالَةُ قُرَيْشٍ وَصَمِيمُهَا، وَأَشْرَفُ الْعَرَبِ، وَأَعَزُّهُمْ نَفَرًا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، مِنْ أَكْرَمِ بِلَادِ اللَّهِ عَلَى الله، وعلى عباده.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ قَرْنًا فقرنا، حتى كنت في القرن الذي كنت منه» (رواه البخاري)، وَعَنِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، ومن خَيْرِ قَرْنِهِمْ، ثُمَّ تَخَيَّرَ الْقَبَائِلَ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ قَبِيلَةٍ، ثُمَّ تَخَيَّرَ الْبُيُوتَ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ بُيُوتِهِمْ. فَأَنَا خَيْرُهُمْ نَفْسًا، وَخَيْرُهُمْ بَيْتًا» رواه الترمذي، وحسنه، - وضعفه الألباني - وعن وائلة بن الأصقع - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صحيح (رواه مسلم).انتهى بتصرف، واختصار.
وروى أحمد، والترمذي عن المطلب، عن أبي وداعة قال: جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنه سمع شيئًا فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله عليك السلام، قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم فرقتين، فجعلني في خيرهم فرقة، ثم جعلهم قبائل، فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتًا، فجعلني في خيرهم بيتًا، وخيرهم نفسًا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.
قال الشيخ الألباني: ضعيف، ولكن صحح إسناده العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - وحسنه بطرقه محققو المسند.
وأما عن سبب حرص عمر بن الخطاب على نسبه صلى الله عليه وسلم مع أنه يشترك معه في كعب بن لؤي، فلأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبى. رواه الحاكم، والطبراني، والبزار، وصححه الألباني في صحيح الجامع؛ فأحب عمر أن يكون بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم نسب وسبب، قال المناوي في فيض القدير: قال عمر: فتزوجت أم كلثوم لما سمعت ذلك، وأحببت أن يكون بيني وبينه نسب وسبب، خرّج هذا السبب البزار (طب عن ابن عباس، وعن المسور بن مخرمة، قال الحاكم: صحيح، وقال الذهبي: بل منقطع، وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات. انتهى.
وجاء في سمط اللآلئ: وَأما أم كُلْثُوم فَتَزَوجهَا عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - وَكَانَت صَغِيرَة دون الْبلُوغ حَال خطبتها، روى أَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - جَاءَ إِلَى عَليّ - رَضِي الله عَنهُ، وكرم وَجهه - فِي عدَّة من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يخْطب ابْنَته أم كُلْثُوم، فَقَالَ: أما وَالله مَا بِي من توق إِلَى شَهْوَة، وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول كل نسب وَسبب وصهر مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا نسبي، وسببي، وصهري، فَأَحْبَبْت أَن آخذ بمصاهرة رَسُول الله. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 61276.
والله أعلم.