عنوان الفتوى : كيف يناقش الولد أباه عند حصول خلاف بينهما؟
كيف يمكن في الإسلام التوفيق بين أب وابنه عند حدوث سوء فهم بينهما ؟ هل ينبغي أن يمنح كل واحد منهما الفرصة للحديث حتى يمكن تحديد المشكلة وحلها ، أم أن الأب له الحق في الحديث ويتحمل الابن اللوم ؟
الحمد لله
• الوالد له منزلة عظيمة في الإسلام ، ليست لبشر سواه ؛ إلا الأم .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ ، إِلَّا أَنْ
يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ )رواه مسلم (1510) .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ
، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ ) رواه الترمذي (1899) ، وصححه الألباني
.
• فمهما يكن من سوء تفاهم ،
أو خلاف بين الولد ووالده ؛ فلابد فيه من المصاحبة بالمعروف ، حتى وإن كان هذا
الخلاف في أصل الدين ، وأساس رسالة المرسلين !!
قال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا
عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ
الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ
سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/14-15 .
• واعلم ، يا عبد الله ؛ أن
الحديث والنقاش مع الوالدين ، ليس كالحديث مع غيرهما ؛ ذلك بأنك مأمور بخفض جناح
الذل لهما ؛ بلين الكلام ، والتذلل ، وخفض الصوت عندهما ، وخشوع الجوارح أمامهما ،
وعدم نهرهما بالقول ، مهما كان يسيرا ، وعدم فعل ما يكرهانه ، أو التمنع عن مباح
أحباه !
قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ
رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23-24 .
وعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) ،
قَالَ: لَا تَمْتَنِعْ مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّاهُ ! " رواه البخاري في "الأدب المفرد"
، تحت باب لين الكلام للوالدين ، وصححه الألباني .
• هذا وقد كفل الشرع الحنيف
حق الولد في مناقشة والده ، ونصحه ، في ظل ما سبق من الآداب والضوابط ، لاسيما إن
كان مظلوما ، وأراد أن يدفع عن نفسه ، أو رأى والده على منكر ، وأراد أن يدفعه عنه
.
وتأمل ذلك الحوار الراقي بين نبي الله إبراهيم عليه السلام ، ووالده المشرك برب
العالمين .
قال تعالى : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا
نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا
يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ
الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَاأَبَتِ
لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا *
يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ
لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ
عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ) مريم/41-47
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |