عنوان الفتوى : ما يتعين على العائن فعـله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهلاحظت صديقات زوجتي أنها حسودة تحسد دون قصد أو رغبة ولاحظت أنا ذلك عليها فما تعجب بشيء إلا حسدته أموالنا... أطفالنا... كل شيء وهي لا تدري فماذا نفعل تجاه هذا البلاء؟ أفادكم الله... عاجل أرجوكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأول ما ينبغي عليكم فعله هو أن تصبروا على ما ابتلاكم الله به، وأن تتضرعوا إلى الله تعالى أن يكشف عنكم هذا البلاء، وهو سبحانه نعم المجيب لمن دعاه قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60].
وعلى زوجتك أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً عسى أن يرفع عنها تعالى هذا البلاء، وقد قال العباس رضي الله عنه: لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة.
وعليها إذا رأت شيئاً فأعجبها أن تدعو بالبركة، أو تقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: "ألا بركت عليه" أي: قلت: اللهم بارك عليه.
ومما يدفع به إصابة العين قول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئاً يعجبه، أو دخل حائطاً من حيطانه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. انتهى
وينبغي لزوجتك أن تقلل من الاختلاط ما استطاعت، حتى لا تؤذي غيرها.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: قال القاضي: في هذا الحديث من الفقه ما قاله بعض العلماء إنه ينبغي إذا عرف أحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويتحرز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيراً رزقه ما يكفيه ويكف أذاه عن الناس، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم دخول المسجد، لئلا يؤذي المسلمين، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر رضي الله عنه والعلماء بعده الاختلاط بالناس، ومن ضرر المؤذيات من المواشي التي يؤمر بتغريبها بحيث لا يتأذى بها أحد.
وهذا الذي قاله هذا القائل صحيح متعين، ولا يعرف عن غيره تصريح بخلافه. والله اعلم. انتهى.
وإذا أصابت زوجتك أحداً بسبب العين، فإذا طلب هو أو ذووه منها أن تغتسل أو تتوضأ له، فعليها ألا تمتنع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا" رواه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
والأمر بالاستغسال للوجوب -كما أفاد ذلك النووي في شرحه على صحيح مسلم والحافظ ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري- رحم الله الجميع. ولمعرفة كيفية اغتسال العائن، وماذا يفعل المعين بماء الغسل، والأدوية الشرعية التي تدفع أذى العين راجع فيها الفتوى رقم: 19782.
هذا وقد عقد الإمام ابن القيم فصلاً نفيساً في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المصاب بالعين في كتابه القيم (زاد المعاد في هدي خير العباد) في الجزء الرابع من ص 126 إلى ص 134، فننصح بمراجعته.
والله أعلم.