عنوان الفتوى : مصير من لم تبلغه دعوة الإسلام
هناك كثير من الكفار يسمعون بالدين الإسلامي كما نسمع نحن بالمجوسية ـ مثلا ـ أو النصرانية أو أي دين آخر، فهم لا يعلمون أنه الدين الصحيح، فكيف يعاقبهم الله وهو لم يهدهم للإسلام؟ وهل المطلوب مني ـ مثلا ـ أن أطلع وأبحث في جميع الديانات حتى أعرف إن كنت على حق أم لا؟ وهم يرون أنفسهم على صواب كما نرى نحن أنفسنا!.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الإشكال توهمته السائلة إنما يسوغ لو كانت دلائل الحق الدامغة على صحة دين الإسلام، يوجد مثلها أو قريب منها في ما عداه من الملل، كالمجوسية أو النصرانية!! ولكن الأمر على خلاف ذلك، ففي الوقت الذي يحظى فيه الإسلام بحجة قاطعة على صحته وأنه من عند الله، وهي القرآن المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم.
في حين أن غير الإسلام من الملل الباطلة لا يقتصر الأمر على خلوها من مثل ذلك، مما يحصل به اليقين والطمأنينة، بل يصل الحال إلى أن الكتب المقدسة عندهم هي في ذاتها دليل واضح، إما على التحريف والتزييف، وإما على البطلان والفساد! وهذا يدركه كل مهتم بعلم مقارنة الأديان، فكيف نسوي بين أهل الإسلام بما عندهم من حق وبينات، وبين غيرهم ممن خالفوا الفطرة ومقتضى العقول السوية؟! وراجعي الفتويين ورقم: 200191، ورقم: 111062.
وأما معاقبة غير المسلمين: فهذا لا يقع إلا بعد قيام الحجة الرسالية عليهم، تفضلا وتكرما من الله تعالى القائل: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا {الإسراء: 15}.
وإنما تقوم هذه الحجة إذا بلغتهم دعوة الإسلام بطريقة يتمكنون من فهمها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 158921.
وأما مطالبة المسلم بالاطلاع والبحث في جميع الديانات ليعرف إن كان على حق أم لا؟ فراجعي جوابه في الفتوى رقم: 241441.
والله أعلم.