عنوان الفتوى : حكم المستفتي إذا اختلفت عليه الفتوى
حصلت بيننا مشاكل كبيرة في البيت، وذهبت المرأة إلى بيت أهلها، ودخلت على أحد مواقع الزواج في الإنترنت للبحث عن زوجة، ومن أجل أن ترضى العضوات بي وبمراسلتي كتبت أنني مطلق، وتحدثت مع عضوات كثيرات، وبعضهن سألنني: منذ متى طلقت؟ فقلت: شهرين، خمسة أشهر، سنة، مع العلم أن قصدي أنني إذا توافقت مع إحداهن، فسوف أطلق زوجتي، وليس من أجل شيء، ولأنني لا أستطيع أن أفتح بيتين في نفس الوقت، ولئلا تكشف العضوة كذبي أن زوجتي معي، مع العلم أنني لم أوفق في الزواج من الموقع، وسجلت كذلك في أكثر من ثلاثة مواقع، في فترات متباعدة ـ شهرين، أو 6 أشهر، أو سنة ـ فهل وقع الطلاق؟ وهل تكرر الطلاق بتسجيلي في أكثر من موقع؟ وزوجتي معي حاليًا، وأنا في حيرة من أمري، فهل هي زوجتي أم غير ذلك؟ أفيدونا بالصواب، وجزاكم الله ألف خير، عرضت هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوقوع الطلاق في مثل حالتك مختلف فيه ـ كما ذكرنا في الفتوى التي أشرت إليها ـ وحيث اختلفت على المستفتي الفتوى فليعمل بما يغلب على ظنه أنه الحق، إما بالنظر في أدلة كل فتوى والعمل بأرجحها إن كان يقدر على ذلك، وإما بتقليد الأوثق عنده إن كان غير مؤهل للنظر في الأدلة، قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل فكيف في المستفتي من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقِّل أن يعقل، وإذا فُهِّم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم، فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى.
وإذا تساوت عنده الأقوال ولم يترجح منها قول، فله أن يأخذ بأيسرها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:... الإنسان إذا اختلفت عليه الفتوى فإنه يتبع من يراه أقرب إلى الحق، لغزارة علمه، وقوة إيمانه، كما أن الإنسان إذا كان مريضًا ثم اختلف عليه طبيبان فإنه يأخذ بقول من يرى أنه أرجح لما وصفه له من دواء، وإن تساوى عنده الأمران، أي لم يرجح أحد العالمين المختلفين، فقال بعض العلماء: إنه يتبع القول الأشد، لأنه أحوط، وقال بعض العلماء: يتبع الأيسر، لأنه الأصل في الشريعة الإسلامية، وقيل: يخيَّر بين هذا وهذا، والراجح: أنه يتبع الأيسر، لأن هذا موافق ليسر الدين الإسلامي، لقول الله تبارك وتعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْر. اهـ
والله أعلم.