عنوان الفتوى : هل يشرع رفع اليدين عند سؤال الله الوسيلة والفضيلة لنبينا صلى الله عليه وسلم بعد الأذان ؟
هل يُشرع رفع اليدين عند قول " اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته " ؟
الحمد لله
روى مسلم (384) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ سَمِعَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِذَا سَمِعْتُمُ
الْمُؤَذِّنَ ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ
مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا
اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي
إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ ، فَمَنْ
سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ) .
وروى البخاري (614) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ:
اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ
مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي
وَعَدْتَهُ ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ ) .
فيسن لكل من سمع الأذان أن يردد خلف المؤذن ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
، ثم يسأل الله له الوسيلة والفضيلة .
وأما رفع اليدين عند هذا
الدعاء فيشهد لمشروعيته الأدلة العامة في استحباب رفع اليدين عند الدعاء .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" رفع الأيدي حال الدعاء من آداب الدعاء ، وأسباب إجابته للأحاديث الواردة في ذلك ،
هذا هو الأصل .
وقد تأملت في ذلك فظهر لي أن ذلك على أربعة أقسام :
الأول: ما ثبت فيه رفع اليدين بخصوصه ، كرفع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يديه في خطبة الجمعة حين قال: (اللهم أغثنا) ، وحين قال: (اللهم حوالينا
ولا علينا) .
الثاني: ما ثبت فيه عدم الرفع كالدعاء حال خطبة الجمعة بغير الاستسقاء، والاستصحاء.
الثالث: ما كان ظاهر السنة فيه عدم الرفع ، كالدعاء بين السجدتين، وفي آخر التشهد ،
فإن الظاهر فيهما عدم رفع اليدين ، وكذلك دعاء الاستفتاح كما في حديث أبي هريرة ،
وكذلك الاستغفار بعد السلام.
وهذه الأقسام الثلاثة حكمها ظاهر؛ لأن الأدلة فيها خاصة.
الرابع: ما سوى ذلك : فالأصل فيه استحباب رفع اليدين ؛ لأن رفعهما من آداب الدعاء
وأسباب أجابته ؛ لما فيه من إظهار اللجوء إلى الله عز وجل والافتقار إليه.
فالدعاء بين الأذان والإقامة لا ينكر، ورفع اليدين فيه من القسم الرابع ، ولكن
الكثير من الناس إذا دعا بعد الأذان بما يشرع الدعاء به ، كالصلاة على النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسؤال الوسيلة له : لا تكاد تراه يرفع يديه ، بل ربما
أنكر على من رفع يديه في هذا الدعاء ، مع أن هذا من القسم الرابع " .
انتهى ملخصا من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (13/ 263-266) .
وقال أيضا :
" الدعاء بين الأذان والإقامة : يرفع فيه الإنسان يديه ، ويدعو الله تعالى بما أحب
من خير الدنيا والآخرة ".
انتهى من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (24/ 2) بترقيم الشاملة .
وسئل الشيخ ابن عثيمين –أيضا-:
ما حكم رفع اليدين في الدعاء عقيب الأذان ؟
فأجاب : " يجوز ، لأن الأصل في الدعاء رفع اليدين . إلا ما علمنا أن السنة في تركه
كالأدعية التي في أثناء الصلاة . والدعاء في خطبة الجمعة في غير الاستسقاء
والاستصحاء ".
فقيل له : ألا يقال إن رفع اليدين في دعاء الأذان ونحوه مما توافرت أسباب نقله ،
ولم ينقل ، فالسنة عدم رفع اليدين فيه ؟
فأجاب : " كلا ، لأن رفع اليدين هو الأصل في الدعاء " .
انتهى من "ثمرات التدوين" (ص 27) .
وقد يقال : إنه لا يداوم على رفع اليدين مع هذا الدعاء ، لكونه لم ينقل فيه شيء عن
النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
بين الأذان والإقامة: ما حكم رفع اليدين للدعاء؟
فأجاب :
" إذا دعا الإنسان ورفع يديه لا بأس ، رفع اليدين من أسباب الإجابة ، لكن ما يكون
على سبيل المداومة تارة وتارة ؛ لأنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
يرفع يديه بين الأذان والإقامة ، لكن جنس الرفع ، مع جنس الدعاء مطلوب ، وهو من
أسباب الإجابة ، وإذا رفعها الإنسان بعض الأحيان بين الأذان والإقامة والأوقات
الأخرى يدعو ربه ، كله لا بأس به " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (26/ 142) .
وينظر جواب السؤال رقم : (11543) ورقم : (87664)
.
والله تعالى أعلم .