عنوان الفتوى : السبب في منع الوصية للورثة
هل يجوز الوصية بالتركة كلها للأبناء فقط ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الوصية لا تجوز بحال بل هي باطلة، لكونها وصية لورثة يرثون بأصل الشرع وقد ثبت النهي عن ذلك، قال صلى الله عليه و سلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
كما أنها اعتراض على الله تعالى في عدله وحكمته، فالذي يعطي بعض الورثة، ويحجب البعض قد اعترض على شرع الله وتعدى حدوده، وقد قال الله تعالى بعد بيان أحكام المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:14].
والغرض من تلك الوصية هو الإضرار ببعض الورثة وحجبهم عن حق أوجبه الله لهم، ومن فعل ذلك فقد استوجب غضب الله وعقابه الأليم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة رضي الله عنه: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ [النساء:12]. إلى قوله تعالى: ذلك الفوز العظيم . رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ورواه الإمام أحمد وابن ماجه بلفظ: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة، ثم قال: واقرءوا إن شئتم تلك حدود الله إلى قوله: عذاب مهين فالواجب على العباد هو أن يتقوا الله تعالى في السر والعلن، وأن يرعوا حدوده وشرعه الذي أمر به، فلا صلاح ولا فلاح للعباد في دنياهم ولا آخرتهم إلا باتباع أمره واجتناب نهيه.
والله أعلم.