عنوان الفتوى : أحكام من شك في الإتيان بالسجدة الثانية فأتى بها بعد التشهد الأوسط
شخص كان يصلي صلاة ثلاثية، وبعد أداء التشهد الأوسط شك في أداء السجدة الثانية، فأعادها. وقبل أن يقرأ التشهد الأوسط علم أنه قد أدى السجدة الثانية من قبل، وأنها تمت مرتين هكذا. فهل يعيد التشهد الأوسط أيضا؟ وماذا يحدث إذا أعاده؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأما إن كان ذلك الشخص موسوسا قد استنكحه الشك – كحال الأخ السائل – فإنه ينبغي له أن لا يلتفت لشكه في كونه لم يسجد السجدة الثانية؛ وانظر الفتوى رقم: 147167. وأما إن كان معافى من الوسوسة وكثرة الشكوك، فما دام قد شك في أنه سجد السجدة الثانية، فقد أحسن في سجودها؛ لأن من شك في ترك ركن، فحكمه حكم من تركه، ويلزمه أن يأتي به, ثم إذا تبين له أنه سجد، فإنه يعتبر قد زاد سجدة سهوا، ويسجد للسهو بعد السلام من الصلاة.
وأما هل يعيد التشهد؟ فلم نجد نصا للفقهاء في هذه المسألة بعينها. والذي يظهر أنه لا يعيد التشهد؛ لأنه قد تبين أن تشهده وقع صحيحا بعد سجدتين، فلا يعيده، بل يقوم مباشرة إلى الركعة الثالثة ما دام تبين له أن تلك السجدة زائدة. فإن أعاده فإن صلاته تبطل بذلك لكونه زاد جلوسا زائدا متعمدا.
قال في كشاف القناع: فَمَتَى زَادَ الْمُصَلِّي فِعْلًا مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ: قِيَامًا أَوْ قُعُودًا، أَوْ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا عَمْدًا، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إجْمَاعًا. قَالَهُ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّهُ بِهَا يُخِلُّ بِنَظْمِ الصَّلَاةِ وَيُغَيِّرُ هَيْئَتَهَا فَلَمْ تَكُنْ صَلَاةً، وَلَا فَاعِلَهَا مُصَلِّيًا. اهــ.
ولكن إن أعاده جهلا فإن صلاته لا تبطل.
قال في تحفة المحتاج ممزوجاً بمتن المنهاج في الفقه الشافعي: (ولو فعل في صلاته غيرها) أي غير أفعالها (وإن كان) المفعول (من جنسها) أي جنس أفعالها التي هي ركن فيها كزيادة ركوع أو سجود (بطلت إلا أن ينسى) أو يجهل. اهــ مختصرا.
قال ابن قدامة في المغني فيمن نسي تسبيح الركوع، وذكره بعد الرفع منه، فعاد إلى الركوع ليسبح: فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ، زَادَ رُكُوعًا فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ، فَإِنْ فَعَلَهُ عَمْدًا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ، كَمَا لَوْ زَادَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ. وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. اهـ.
والله تعالى أعلم.