عنوان الفتوى : التقليد واتباع الدليل ، وهل كان ابن حزم حنبليّاً ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كيف يمكن للشخص أن لا يكون مقلداً وفي نفس الوقت يتبع أحد الأئمة الأربعة ؟ أسأل هذا السؤال لأنني في سيرة ابن حزم قرأت أنه يتبع مذهب الإمام أحمد ولم يكن مقلداً . أرجو أن توضح هذا لي.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولاً :

المتبعون للمذاهب ليسوا على درجة واحدة ، بل منهم المجتهد في المذهب ، ومنهم المقلد الذي لا يخالف مذهبه في شيء .

فالبويطي والمزني والنووي وابن حجر من أتباع الإمام الشافعي لكنهم مجتهدون ويخالفون إمامهم إذا تبين لهم الدليل وكذلك ابن عبد البر من المالكية لكنه يخالف مالكاً إذا كان الصواب مع غيره ، ومثل هذا يقال في كبار أئمة الحنفية كأبي يوسف ومحمد الشيباني ، وكذا أئمة الحنابلة كابن قدامة وابن مفلح وغيرهم .

فتتلمذ الطالب على مذهب لا يعني أنه لا يخرج عنه إذا تبين له الدليل ، بل لا يفعل هذا إلا من رق دينه وقلَّ عقله من المتعصبة .

ووصية الأئمة الكبار هي أن يأخذ طلاب العلم من حيث أخذوا ، وأن يضربوا قول أئمتهم عرض الحائط إذا خالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم .

قال أبو حنيفة : هذا رأيي فمن جاء برأي خير منه قبلناه ، وقال مالك : إنما أنا بشر أصيب وأخطئ , فاعرضوا قولي على الكتاب والسنة ، وقال الشافعي : إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط , وإذا رأيت الحجة موضوعة على الطريق فهي قولي ، وقال الإمام أحمد : لا تقلدني ولا تقلد مالكاً , ولا الشافعي , ولا الثوري , وتعلم كما تعلمنا , وقال : لا تقلد في دينك الرجال , فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا .

فليس لأحدٍ أن يقلِّد إماماً بعينه لا يخرج عن أقواله ، بل الواجب عليه أن يأخذ بما وافق الحق سواء كان من إمامه أم من غيره .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

وليس على أحدٍ من الناس أن يقلِّد رجلاً بعينه في كل ما يأمر به وينهى عنه ويستحبه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما زال المسلمون يستفتون علماء المسلمين فيقلدون تارة هذا وتارة هذا ، فإذا كان المقلِّد يقلد في مسألة يراها أصلح في دينه أو القول بها أرجح أو نحو ذلك : جاز هذا باتفاق جماهير علماء المسلمين لم يحرم ذلك لا أبو حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا أحمد .

" مجموع الفتاوى " ( 23 / 382 ) .

وقال الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله رحمه الله :

بل الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلم معنى ذلك ، في أي شيء كان ، أن يعمل به ، ولو خالفه من خالفه ، فبذلك أمرنا ربنا تبارك وتعالى ، ونبينا صلى الله عليه وسلم ، وأجمع على ذلك العلماء قاطبة ، إلا جهال المقلدين وجفاتهم ، ومثل هؤلاء ليسوا من أهل العلم

كما حكى الإجماع على أنهم ليسوا من أهل العلم أبو عمر ابن عبد البر وغيره .

" تيسير العزيز الحميد " ( ص 546 ) .

وعلى هذا لا بأس أن يكون المسلم تابعاً لمذهب معين ، ولكن إذا تبين له الحق في خلاف مذهبه ، وجب عليه اتباع الحق .

ثانياً :

أما ابن حزم فقد كان إماماً مجتهداً ، وهو يحرِّم التقليد ، ولم يكن تابعاً لأحد من الأئمة ، لا الإمام أحمد ولا غيره ، بل كان هو إمام أهل الظاهر في زمانه وإلى الآن ، ولعل انتسابه للإمام أحمد ( إن صح هذا النقل ) كان في مسائل العقيدة والتوحيد ، على أن عنده مخالفات ومجازفات كثيرة في مسائل الأسماء والصفات .

وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ( 18 / 184- 212 )

والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...