عنوان الفتوى : الحديث الهاتفي بين المخطوبين
ما حكم الحديث الهاتفي بين المخطوبين قبل النكاح؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
ففترة الخطبة ليست محطة لتفريغ الشهوات والعواطف سواء أكان هذا عن طريق الكلام، أو الفعل، أو غير ذلك، ولا يجوز تبادل الكلمات التي تثير العواطف ، وتحرك الشهوات، ويحل للخاطب أن يجلس مع مخطوبته في وجود محرم، ويتكلم معها في حدود ما يسمح به العرف المنضبط بالشرع، حيث إنها ما زالت أجنبية عنه حتى يعقد عليها.
فللخاطب أن يرى من مخطوبته وجهها ويديها حتى يتبين ملامحها، ليكون أدعى إلى القبول بينهما، وأنفى للجهالة، ولا مانع من النظر بشهوة أثناء تعرفه عليها، كما قال النووي، وله أن يعيد النظر ويكرره، حتى يكون على بينة من أمره.
فإذا رضي بها وأعجبته فلا يجوز له أن ينظر إليها بشهوة، لأنها أجنبية، وإنما يجوز أن ينظر إليها كما ينظر إلى بقية نساء المسلمين بلا ريبة ولا شهوة ولا تلذذ.
والخاطب أجنبي عن مخطوبته لا يحل له منها إلا أن يرى وجهها وكفيها، ولا يجوز له أن يلمسها، ولا أن يتحسس جسمها، ولا أن ينظر إليها بشهوة، ولا أن يقبلها، ولا أن يقترب منها بحيث يكون ملاصقا لها، ومماسا لجسدها، فكل ما له هو أن يجلس معها في وجود المحرم ، وتجلس هي ولا تظهر سوى الوجه والكفين، ويتبادلا الحديث الذي ليس فيه تمايع، ولا تكسير، ولا شهوة، والمقصود من الحديث أن يتعرف كل واحد إلى شخصية الآخر.
والحديث بين المخطوبين حديث جاد، أو كما سماه الله تعالى : (وقلن قولا معروفا) فليس هو حديث الحبيبين، أو العاشقين، وليس فيه كلمات الغزل، ولا كلمات الحب والعشق فضلا عن ألفاظ الزنا والخنا.
فالخطبة لا تحل حراما، ولا تقرب بعيدا، ولا تهدم السدود، ولا تزيل الحدود، وقد يحسب كثير من الناس أن الخطبة متنفس للشباب والفتيات تسمح لهم بإخراج ما تفيض به المشاعر، وبث ما تحمله القلوب، وتنطوي عليه الضلوع، بل يحسبها البعض متنفسا لإفراغ الشهوة المكبوتة… فتحملق العيون، وتتسع الحدقات، وتنطلق الألسنة هادرة سابحة، وقد يقف البعض بالخطبة عند هذه المحطة.
وقد يستمر آخرون فيستحلون كل حرام باسم الخطبة، ويحصلون على كل ما يريدون باسم الحب.
والحق أن هذا كله ليس من الإسلام في شيء، فالخطبة للتروي والاختبار، والاستشارة والاستخارة، وللمدارسة والمكاشفة حتى يمضي هذا العقد الغليظ ، أو يرى صاحباه أنهما أخطآ الطريق فيفترقا.
أما إشباع الحواس المتعطشة بدءا من العيون، ومرورا بالآذان، وختاما بالجوارح فلا يكون إلا بعد الزواج.
بل إن على المخطوبين إذا أحسا بأن حواسهما تنازعهما نحو الحرام، وأن الوئام أصبح حبا لا يقاوم ، وأن هذه العاطفة القلبية أصبحت تتمشى في جوانب النفس، وتترسم على الجوارح… عليهما حينئذ أن يعجلا بالعقد… أو يكفا عن هذه الجلسة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
لا يجوز للخاطب أن يمس وجه المخطوبة ولا كفيها وإن أمن الشهوة؛ لما في المس من زيادة المباشرة؛ ولوجود الحرمة وانعدام الضرورة والبلوى.
و لم يشترط الحنفية والمالكية والشافعية لمشروعية النظر أمن الفتنة أو الشهوة أي ثورانها بالنظر، بل قالوا : ينظر لغرض التزوج وإن خاف أن يشتهيها، أو خاف الفتنة؛ لأن الأحاديث بالمشروعية لم تقيد النظر بذلك. واشترط الحنابلة لإباحة النظر أمن الفتنة.
وأما النظر بقصد التلذذ أو الشهوة فهو على أصل التحريم. انتهى.
وعلى ذلك فلا مانع من الحديث الهاتفي بالشروط السابقة.
والله أعلم.