عنوان الفتوى : حكم من يحب من اعتدى على بيوت الله
أجبتم بوقوع ذلك الشخص الذي ذكرته في الفتوى رقم:226174، في الكفر بسبب حرقه المساجد، ولا شك أن عامة الناس يعلمون أن إهانة شعائر الله ردة عن الإسلام، فما حكم من يحبه بحجة أنه يكره من يعارضه؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نجب بما ذكرته، بل ذكرنا في الفتوى رقم: 226174، أن حرق المسجد يكون حكمه بحسب الحامل عليه، فمن فعل ذلك لكونه من بيوت الله تعالى وأماكن للعبادة، أو على سبيل الإهانة وعدم الحرمة، فهذا كفر ـ والعياذ بالله ـ بخلاف ما إذا كان لخصومة وعداوة أو محاربة مع أهلها، كحصار الحجاج الثقفي لبيت الله الحرام ورميه بالمنجنيق، بسبب الحرب التي وقعت بينه وبين عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ فقد فعل ما فعل وهو يعتقد حرمة البيت الحرام.
وأما السؤال عن حكم من يحبه، فجوابه: أن حكمه حكم من يحب أي إنسان، فينظر للسبب الحامل له على محبته، فمن أحب كافرا لكفره فهو مثله، ومن أحب ظالما لظلمه فهو مثله، ومن أحب عاصيا لمعصيته فهو مثله، أما من يحب كافرا ـ فضلا عن مسلم ظالم ـ لا لكفره، وإنما لعلاقة بينه وبين المسلم ـ كعلاقة القرابة، أو علاقة الزواج، أو المعاملة، أو لما يقدمه الكافر من علم أو نفع للناس ـ فهذه المحبة الطبيعية التي تمليها الجبلية البشرية والفطرة الإنسانية ـ لا تحرم، إلا أنه يجب أن يصاحبها بغضه في الدين والبراءة من كفره، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 128403.
وقد سبق لنا أيضا بيان الفرق بين الحب في الله والمحبة الجبلية في الفتوى رقم: 36991.
وهنا ننبه الأخ السائل إلى أن الاشتغال ببيان الحق للناس وتزييف الباطل عندهم، أولى من الاهتمام بالحكم عليهم بالكفر وعدمه، فلا يخفى أن ذيوع الباطل وكثرة مُروِّجيه يترك أثرا سلبيا على الأفهام ومعرفة الواقع، فالاشتغال بمدافعة هذا الباطل: بذلا للنصيحة، وأمرا بالمعروف وبيانا له، ونهيا عن المنكر وفضحا له، أنفع من الحكم على الناس، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: أهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يكفرون من خالفهم فيه، بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق. اهـ.
والله أعلم.