عنوان الفتوى : هل من حق الزوجة المسكن المستقل؟ وهل يدل طلبها ذلك على تعلقها بالدنيا؟
أنا فتاة متزوجة منذ خمسة أشهر، وحامل ـ ولله الحمد ـ ومنذ أول يوم في عقد النكاح ووالدة زوجي تقوم بعمل مشاكل كبيرة معي وصلت إلى الإهانة أمام الناس، والخطأ على أهلي، ولا يوجد أحد يستطيع أن يوقفها عند حدها حتى زوجها، ومن الممكن أن تفعل أي شيء في أي وقت، ولا يردعها أي شيء، مع العلم أنني لم أخطئ - أنا أو أهلي - في حقها أبدًا ، وهي تغار مني بشدة, فأبي كان يحب زوجي- ونحسبه على دين وخلق - وصدقًا لم نر - أنا وأهلي - منه إلا كل خير، واشترط ألا تتعامل أم زوجي معي نهائيًا حتى تكف أذاها عني، مع العلم أنني منذ زواجي أعين زوجي على بره بأهله، ودائمًا توصيني أمي بذلك, وبعد فترة من زواجي فكر زوجي في الذهاب إلى الجهاد في سوريا، ولكنني اعترضت؛ لأن الشقة التي نسكن فيها تملكها أم زوجي، وهي باسمها، وأخشى إن سافر زوجي أن تأخذ المسكن، فطلبت منه أن يوفر لي مسكنًا مستقرًّا لي ولطفلي، فهذا حقي كزوجة أنا وابني؛ لأنني لا أريد أن أكون عالة على أحد، فهل أنا محقة؟ وهل ليس عندي يقين في الله، أو متعلقة بالدنيا؟ وهل حقًّا هذه مسؤولية زوجي؟ وزوجي يقول لي: اذهبي معي إلى سوريا، وسأوفر لك هناك المسكن، مع العلم أن زوجي أولًا كان يرى أن الجهاد في سوريا فرض عين، واقتنع الآن بأنه فرض كفاية.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقّك على زوجك أن يوفر لك مسكنًا مستقلًا مناسبًا، لكن لا يلزم أن يكون المسكن مملوكًا لزوجك، وإنما يكفي أن يملك منفعته بإجارة، أو إعارة، أو غيرها، قال الخطيب الشربيني الشافعي: ولا يشترط في المسكن كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوف، ومستأجر، ومستعار.
أما سفرك معه إلى سوريا: فلا تجب عليك طاعته فيه، قال الحطّاب المالكي: للرجل السفر بزوجته إذا كان مأمونًا عليها، قال ابن عرفة: بشرط أمن الطريق، والموضع المنتقل إليه ... فلو كان الطريق مخوفًا، أو الموضع المنتقل إليه لم يجبرها على السفر.
واعلمي أنّ مطالبتك بالمسكن، وخوفك من السفر إلى سوريا، لا ينافي اليقين بالله، ولا يستلزم أنك متعلقة بالدنيا على الوجه المذموم شرعًا، وذلك أن اليقين والتوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب المشروعة، وانظري الفتوى رقم: 112399.
والله أعلم.