عنوان الفتوى : مفقود منذ 20 عاما ، فهل يعدونه ميتا ويصلون عليه صلاة الغائب ؟
والدي اختطف من المنزل منذ 20 سنة ، والغالب أنه قد قتل ، وأخي الأكبر في نفس العام قالوا لنا أنه قد قتل ، فكلاهما لا نعلم لهما قبرا أو مكانا دفنا فيه ، أي أنهما ما زالا مفقودين منذ 20 سنة ، والأمر الراجح والمرجح أنهما قد قتلا نسأل الله لهما الرحمة . السؤال: هل نصلي عليهما صلاة الغائب أم لا ، وماذا نفعل ؟
الحمد لله
أولا :
إذا فُقد إنسان ، أو غاب غيبة منقطعة لا يدرى عن حاله فيها ، أحي هو أم ميت ؟ وكان
ظاهر غيبته الهلاك ، فجمهور أهل العلم على أنه يُنتظر أربع سنوات منذ فقد ، ثم
يُحكم بعدها بوفاته ، فتقسم أمواله ، وتعتد امرأته .
وذهب أبو حنيفة والشافعي في قوله الجديد إلى أنه : لا يحكم بوفاته حتى يأتي خبر
موته ، أو يبلغ سنا لا يعيش فيها .
ينظر " المغني " (8/131) ، و" الموسوعة الفقهية " (29/333) .
واحتج الجمهور بما جاء عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قضى في المفقود : أن تتربص امرأته أربع سنين ، ثم
يطلقها ولي زوجها ، ثم تربص بعد ذلك أربعة أشهر وعشرا ، ثم تزوج ( أخرجه البيهقي
7/445 ) وصحح إسناده الألباني في " إرواء الغليل " (6/151) .
وقال الإمام أحمد رحمه الله
: " مَنْ تَرَكَ هَذَا الْقَوْلَ ؛ أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ ؟! وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ
وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ أَحْمَدُ:
خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى من
" المغني " (8/131) .
ومن الصور التي ذكرها
العلماء للغَيبة التي ظاهرها الهلاك :
" الَّذِي يُفْقَدُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ ، لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، أَوْ يَخْرُجُ
إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَرْجِعُ ، أَوْ يَمْضِي إلَى مَكَان قَرِيبٍ لِيَقْضِيَ
حَاجَتَهُ وَيَرْجِعَ ، فَلَا يَظْهَرُ لَهُ خَبَرٌ، أَوْ يُفْقَدُ بَيْنِ
الصَّفَّيْنِ ، أَوْ يَنْكَسِرُ بِهِمْ مَرْكَبٌ فَيَغْرَقُ بَعْضُ رُفْقَتِهِ ،
أَوْ يُفْقَدَ فِي مَهْلَكَةٍ ، كَبَرِّيَّةِ الْحِجَازِ وَنَحْوِهَا " انتهى من "
المغني " .
ورفع أحد القضاة إلى الشيخ
محمد بن إبراهيم قضية رجل فُقد ليلة النزول من عرفة وقت الحج ، وله زوجة وميراث ،
هل الغالب على الظن موته ، أو حياته ؟
فأجاب " نُفيدكم أن فقده على هذه الصورة يعتبر مما غالبه الهلاك ، حيث إن من يفقد
في مثل تلك الليلة ، يكتنفه من أخطار الدهس والصدم والمرض بضربة الشمس ونحوه ، ما
يعتبر مبرراً لما ذكرنا من أن فقده يلحق بمن غالبه الهلاك " انتهى من " فتاوى ابن
إبراهيم " (9/264) .
وما دام السؤال إنما هو عن
الصلاة عليهما ، فإنه يصلى عليهما صلاة الغائب ، لأن الغالب أن من يفقد هذه المدة
الطويلة أنه يكون قد قتل أو مات ، لا سيما مع وجود بعض أخبار بأن أخاك قد قتل ، كما
في السؤال ؛ فإذا قدر أنه لم يكن قد مات أو قتل حقيقة .
فأمر الصلاة على الغائب أهون ، ولم يترتب على ذلك فوات لحق أحد ، ولا إضاعة لحد من
حدود الله ، وغلبة الظن معتبرة في بناء الأحكام الشرعية ، ومقصود الصلاة : إنما هو
الدعاء والاستغفار .
ثانيا :
هناك أحكام أخرى تترتب على الحكم بوفاة الشخص ، كتقسيم تركته ، وحل زوجته للأزواج
بعد انقضاء عدة الوفاة ... إلخ ، وهذه الأحكام تحتاج إلى حكم من القاضي بوفاته ،
حتى لا يحصل اضطراب وفوضى واعتداء على الحقوق .
قال الشيخ ابن عثيمين – في مسألة المفقود - :
" لا بد من حكم الحاكم ؛ لئلا يقع الناس في الفوضى ؛ لأننا إذا قلنا : كل امرأة
تفقد زوجها تتربص المدة التي يغلب على ظنها أنه مات ، ثم تتزوج ، صار في هذا فوضى
... لا بد من مراجعة القاضي ، وهو الذي يتولى هذا الأمر ، وهذا متعين ".
انتهى من " الشرح الممتع " (13/374) .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى : (2313) .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
مفقود منذ 20 عاما ، فهل يعدونه ميتا ويصلون عليه صلاة الغائب ؟ |