عنوان الفتوى : كتب علي ومعرفة الغيب
سمعنا أن هناك كُتبًا منسوبة إلى الإمام عليٍّ -رضي الله عنه- يُعْرف فيها ما يحدث في العالم إلى يوم القيامة، فهل هذا صحيح؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
من المعلوم أن الله سبحانه لا يُطلع على غَيْبِه أحدًا إلا من ارتضاه، كما قال تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا) [سورة الجن : 26، 27] ومن المعلوم أيضًا أن المُغالاة في كلِّ شيء مَذمومة وأن الشيعة الذين يُحبون آل البيت تغالوا في ذلك حتى وضع بَعْضُهُم عليًا ـ رضي الله عنه ـ في منزلة ادَّعى بعضهم فيها أنه إله، والبعض الآخر أنه نبي، وكل ذلك تحدثت عنه كتب التوحيد.
وبخصوص عِلْم سيدنا علي كرَّم الله وجهه بالغيْب سبق أن تحدثنا في صفحة 411 من المجلد الخامس من هذه الفتاوى عن مُصحف فاطمة -رضي الله عنها – وعن الجفر والجامعة المنسوبين للإمام علي ـ رضي الله عنه . وإضافة إلى ذلك قرأت في مجلة الإسلام في سنتها الثالثة وفي العدد الثامن ما يأتي: قال السيد الشريف في شرح المواقف : الجفر والجامعة كتابان لعلي -رضي الله عنه- وقد ذكر فيهما ـ على طريقة عِلم الحروف ـ الحوادث التي تحدث إلى انقراض العالم، وكان الأئمة المعروفون من أولاده -رضي الله عنه- يعرفونهما ويحكمون بهما.
وفي كتاب قبول العهد الذي كتبه علي بن موسى -رضي الله عنهما- إلى المأمون : إنك قد عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤنا، فقبلت منك العهد؛ لأن الجفر والجامعة يدلان على أنه لا يتم، ولمشايخ المغاربة نصيب من عِلم الحروف ينتسبون فيه إلى أهل البيت، ورأيت أنا بالشام نظمًا أُشير فيه بالرموز إلى أحوال ملوك مصر، وسمعت أنه مُسْتخرج من ذينك الكتابين.
هذا كلام السيد. قالوا : فعُلِمَ من هذا أن عليًا -كَرَّمَ الله وجهه- كان عالمًا بالحوادث المُسْتقبلة التي تحدث إلى انقراض العالم، إذ كتابة هذه الحوادث في معنى القول بها. ولا شك في أن عِلْمَه بذلك لم يكن اطلاعيًا ولا استدلاليًا. فتعيَّن أن يكون بطريق التعليم الإلهي اللَّدني، أو بتعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- إياه بطريق الإفاضة الرُّوحانية.
قال حُجَّة الإسلام الغزالي في الرسالة اللَّدنية : قال علي -رضي الله عنه- : أدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسانه في فمي، فانفتح في قلبي ألفُ باب من العلم، مع كل باب ألفُ باب.
هذا، وقد أنكر ابن تيمية نِسْبَة ذلك إلى علي فقال : ومن الناس من ينسب إليه الكلام في الحوادث كالجفر وغيره، وآخرون ينسبون إليه أمورًا أُخر يعلم الله تعالى أن عليًا -كَرَّم الله وجهه- منها برئ ويؤيد كلام ابن تيمية ما رواه البخاري أن عامة ما يُروى عن علي كَذِب.