عنوان الفتوى : معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ ) .

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنت في المسجد بعد صلاة العشاء حين قام أحدهم وألقى درساً ذكر فيه أن شر الطعام طعام الوليمة ، يدعى إليه الأغنياء ويمنع منه الفقراء ، وساق الحديث على ذلك . فذهبت وبحثت عن هذا الحديث فوجدت كلاماً كثيراً للعلماء يؤيدونه . ولاحظت أن هذا الحديث مذيل بزيادة تقول : ولكن إذا دعيتم فأجيبوا . فهل هذا الحديث صحيح ؟ لأنني بحثت عنه فلم أجد له مصدراً ، في حين أني وجدت أحاديث أخرى منفردة تحث على إجابة الدعوة وضرورة قبول اللبن والطيب ممن أعطاك . ثم أين يكمن الإشكال في طعام الوليمة إذا لم يدعى إليها الفقراء ، خصوصاً إذا كانت مخصصة للأهل والأقارب ؟ وهل من الضروري في كل وليمة أن يدعى إليها الفقراء حتى تتخلص من الشر الذي وُصفت به ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولا :
هذا الحديث الذي سألت عنه حديث صحيح ؛ رواه البخاري (5177) ، ومسلم (1432) - والفظ له - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ ، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا ، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ ، فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ ) ، إلا أن البخاري أوقفه على أبي هريرة رضي الله عنه ، ولفظه : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ ) .

والمقصود بالوليمة في هذا الحديث هي وليمة العرس خاصة ، وليست كل طعام دعي إليه أحد من الناس ، كما قرره الصنعاني في " سبل السلام " (2/ 229) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" أَيْ أَنَّهَا تَكُون شَرّ الطَّعَام إِذَا كَانَتْ بِهَذِهِ الصِّفَة , وَلِهَذَا قَالَ اِبْن مَسْعُود : ( إِذَا خُصَّ الْغَنِيّ وَتُرِك الْفَقِير أُمِرْنَا أَنْ لَا نُجِيب ) انتهى من " فتح الباري " (9/245) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" فسر هذه الوليمة التي طعامها شر الطعام وهي التي يدعى إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها ، يعني يدعى إليها الأغنياء ، والغني لا يحرص على الحضور إذا دعي ؛ لأنه مستغن بماله ، ويمنع منها الفقراء ؛ والفقير هو الذي إذا دعي أجاب ، فهذه الوليمة ليست وليمة مقرِّبةً إلى الله ؛ لأنه لا يدعى إليها من هم أحق بها ، وهم الفقراء ؛ بل يدعى إليها الأغنياء " انتهى من " شرح رياض الصالحين " (3/ 102) .

ووليمة العرس تكون شكرا لنعمة النكاح ، وإشهارا للنكاح وإعلانا له ، وإظهارا للسرور ، وإذا كانت كذلك ، فلا ينبغي أن يخص بها الأغنياء دون الفقراء ، فإن ذلك يدل على تكبر صاحبها ، بل الذي ينبغي أن يدعو الإنسان إليها أقاربه وجيرانه وأصحابه ومن يعرفهم من المسلمين ، وبالقطع سيكون في هؤلاء الغني والفقير ، وأما تخصيص الأغنياء بالدعوة ، فذلك الذي ذمه الحديث .

وقد يقاس على وليمة العرس في هذا : الولائم العامة التي يكون سببها من أسباب السرور كالعقيقة أو رجوع مسافر ، أو إتمام حفظ القرآن الكريم .... أو نحو ذلك .

وأما الولائم الخاصة كالتي يصنعها المسلم ، ليدعو إليها صديقا له ، أو قريبا ، أو خاصا من الناس : فلا حرج عليه أن تكون خاصة بمن صنعها من أجله .

وقد كان الصحابة يدعون النبي صلى الله عليه وسلم للطعام ويجيب دعوتهم .
غير أنه ينبغي في هذه الحالة أن لا يكون قد صنعها لفلان من أجل غناه ، بل من أجل قرابته له ، أو صلته به ، ونحو ذلك من المقاصد الحسنة التي يثاب عليها المسلم .

وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (22006) ، (188017) .

والله أعلم .