عنوان الفتوى : هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على كرسي ؟
هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلس على كرسيٍ ؟
الحمد لله
كان حال النبي صلى الله عليه وسلم على الغاية في التواضع للخلق ، والعبودية لله رب
العالمين ، روى أحمد (7160) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " جَلَسَ جِبْرِيلُ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ،
فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : ( إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ
مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ ، قَبْلَ السَّاعَةِ )، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ : ( يَا
مُحَمَّدُ ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ : أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ ،
أَوْ عَبْدًا رَسُولًا ؟ ) ،، قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ.
قَالَ: ( بَلْ عَبْدًا رَسُولًا ) " .
قال محققو مسند أحمد : " إسناده صحيح على شرط الشيخين " .
وكان يجلس على الأرض ، ويأكل على الأرض .
روى الطبراني في " الكبير" (12494) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَأْكُلُ
عَلَى الْأَرْضِ ، وَيَعْتَقِلُ الشَّاةَ ، [أي : يمسكها ليحلبها] وَيُجِيبُ
دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ ) وصححه الألباني في " الصحيحة "
(2125) .
وروى البغوي في " شرح السنة " (11/ 287) عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: " قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، كُلْ ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ، مُتَّكِئًا ، فَإِنَّهُ
أَهْوَنُ عَلَيْكَ ، فَأَصْغَى بِرَأْسِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ تُصِيبَ جَبْهَتُهُ
الأَرْضَ ، قَالَ: (لَا ، بَلْ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ ، وَأَجْلِسُ كَمَا
يَجْلِسُ الْعَبْدُ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (544) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" كان صلى الله عليه وسلم يجلس على الأرض تارة ، وعلى الحصير تارة، وعلى البساط
تارة " انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/ 126) .
فهذا كان غالب حاله صلى الله عليه وسلم .
وكان ربما احتاج إلى أن يُسمع الناس كلامه ، ويبلغهم جميعا ، فيدعو بكرسي فيجلس
عليه ، ويعلم الناس .
روى مسلم (876) عن أبي رِفَاعَةَ قال : " انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ،
رَجُلٌ غَرِيبٌ ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ ، قَالَ:
فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَرَكَ
خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ
حَدِيدًا ، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ ، ثُمَّ أَتَى
خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا " .
قال النووي رحمه الله :
" وَقُعُودُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْكُرْسِيِّ لِيَسْمَعَ
الْبَاقُونَ كَلَامَهُ وَيَرَوْا شخصه الكريم " انتهى .
وقد ثبت عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم جلسوا على الكراسي والأسِرَّة :
فروى البخاري (1594) عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: " جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى
الكُرْسِيِّ فِي الكَعْبَةِ ، فَقَالَ: " لَقَدْ جَلَسَ هَذَا المَجْلِسَ عُمَرُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وشيبة هو ابن عثمان بن أبي طلحة (صحابي) رضي الله عنه .
وروى أبو داود (113) عن عَبْد خَيْرٍ قال : " رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ........إلخ الحديث " وصححه الألباني
في "صحيح أبي داود "
وروى البخاري (7266) عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ، قَالَ : " كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ
يُقْعِدُنِي عَلَى سَرِيرِهِ ".
فالجلوس على الكرسي لا حرج فيه ، فإن احتاج الإنسان إلى الجلوس عليه لتعليم الناس
وإسماعهم : فهو مستحب ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك .
والله تعالى أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |