عنوان الفتوى : لماذا نهيت المرأة المحرمة عن لبس النقاب؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

وفقاً لإجابة السؤال رقم : (172289) فإنه لا يُجوز للمرأة ارتداء النقاب أو القفازات أثناء الإحرام كما دل على ذلك الحديث الشريف ، وذكرتم أنه ومع ذلك ، يلزمها تغطية وجهها بشيء آخر غير النقاب والبرقع . وسؤالي هو: إذا كانت تغطية الوجه ضرورية فأين الإشكال إذاً في استخدام النقاب ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم المرأة المحرمة بحج أو عمرة أن تلبس النقاب والقفازين ، رواه البخاري .
ولم يَرِدْ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة المحرمة أن تستر وجهها ، ولا أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بكشف وجهها .
ولذلك كانت النساء المحرمات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يغطين وجوههن بغير النقاب إذا مر بهن الرجال الأجانب .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (172289) .

فنهي المرأة عن لبس النقاب والقفازين معناه : أنها لا تلبس ثيابا مفصلة على قدر الوجه واليدين ، وليس معناه أنها لا تغطيهما مطلقا .

وهذا كما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم الرجل المحرم أن يلبس القميص والسراويل (تشبه البنطلون) ؛ فهذا ليس معناه أن يبقى الرجل عاريا ، بل يستر بدنه بالإزار والرداء .
فالرجل نهي عن لبس الثياب المفصلة على قدر البدن ، وأمر بستر بدنه بغير ذلك من الثياب ،فكذلك المرأة نهيت عن لبس النقاب والقفازين ، لكنها تستر وجهها وكفيها بغيرهما .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لها [يعني : المرأة] كشف الوجه في الإحرام ولا غيره ، وإنما جاء النص بالنهي عن النقاب خاصة ، كما جاء بالنهي عن القفازين ، وجاء النهي عن لبس القميص والسراويل ، ومعلوم أن نهيه عن لبس هذه الأشياء لم يُرِدْ أنها تكون مكشوفة لا تستر البتة ، بل قد أجمع الناس على أن الرجل يستر بدنه بالرداء والإزار ...
فكيف يزاد على موجَب النص ، ويفهم منه أنه شرع لها كشف وجهها بين الملأ جهارا ؟
فأي نص اقتضى هذا ، أو مفهوم أو عموم أو قياس أو مصلحة ؟!
بل وجه المرأة كبدن الرجل ، يحرم ستره بالمُفَصَّل على قدره كالنقاب والبرقع ، بل وَكَيَدِها ، يحرم سترها بالمُفَصَّل على قدر اليد كالقفاز ، وأما سترها بالكم ، وستر الوجه بالملاءة والخمار والثوب : فلم يُنه عنه البتة" انتهى من " بدائع الفوائد " (2/664-665) .

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (11/192-193) :
" لا تلبس المحرمة بحج أو عمرة نقابا ولا قفازين حتى تحل من نسكها التحلل الأول ، وإنما تسدل خمار رأسها على وجهها إذا خشيت أن يراها رجال أجانب ، وليست خشيتها من ذلك مستمرة ؛ لأن بعض النساء ينفردن بمحارمهن ، ومن لم تتمكن من الانفراد عن الأجانب تستمر سادلة خمارها على وجهها ، ولا حرج عليها في ذلك ، وهكذا تغطي يديها بغير القفازين ، كالعباءة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز . الشيخ عبد الرزاق عفيفي . الشيخ عبد الله بن غديان . الشيخ عبد الله بن قعود " انتهى .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" ومعنى : ( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين ) أي : لا تلبس ما فُصِّلَ وقُطِّعَ وخِيط لأجل الوجه كالنقاب ، ولأجل اليدين كالقفازين , لا أن المراد أنها لا تغطي وجهها وكفيها كما توهمه البعض ، فإنه يجب سترهما ، لكن بغير النقاب والقفازين " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/223) .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (7/165) :
"لم يرد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهي المرأة عن تغطية وجهها، وإنما ورد النهي عن النقاب ، والنقاب أخص من تغطية الوجه ، لكون النقاب لباس الوجه ، فكأن المرأة نهيت عن لباس الوجه ، كما نهي الرجل عن لباس الجسم" انتهى .

وبهذا يتبين أن سبب نهي المرأة المحرمة عن لبس النقاب : هو كونه قد فُصِّل على قدر الوجه ، ولهذا قال العلماء : وجه المرأة في الإحرام كبدن الرجل .

والله أعلم .