عنوان الفتوى : هل نبش معاوية رضي الله عنه قبور الصحابة ، وقطع إصبع حمزة ، رضي الله عنه؟
هل صحيح بأن معاوية نبش قبور الصحابة وقطع أصبع الصحابي الجليل حمزة عليه السلام ، وقال عندها الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه : "وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا"؟ وهل هذه الحادثة بالفعل مذكورة في كتبنا، كتب السنة؟ بالتحديد في كتاب "الجهاد" لابن المبارك؟"
الحمد لله.
هذا الحديث أخرجه ابن المبارك في كتاب الجهاد ( 98 ) بسنده عن جابر بن عبد الله قَالَ: لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الكَظَّامَةَ قَالَ: قِيلَ مَن كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ يَعْنِي قَتْلَى أُحُدٍ قَالَ: فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنُّونَ، قَالَ فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَانْفَطَرَتْ دَمًا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا ".
وليس في هذه القصة ما يطعن به على معاوية رضي الله عنه ، لأنه لم يأمر بنبش القبور استهانة بها ؛ وإنما نقلها لمصلحة عامة ، وهي إيصال الماء لعامة المسلمين ، كما فيه حفاظ على القبور أن يجرفها الماء المار بجانبها ، فأخرج أصحابها رضي الله عنهم ليعاد دفنهم في مكان أبعد عن الماء ، وبحضور أقاربهم .
وقول أبي سعيد : " ولا ينكر بعد هذا منكر أبدا " : لعل المقصود به كرامة الشهداء ، وأنهم بقوا كما دفنوا ، ولم تتغير أجسادهم رغم مرور زمن طويل على دفنها .
ومما يدل على ذلك أن الإمام ابن المبارك أخرج هذا الحديث في كتابه الجهاد لبيان فضل الشهادة والشهداء.
قال الباجي : " عبد الله بن عمرو وعمرو بن الجموح [ وهما أنصاريان ، سَلَمِيَّان ] كانا صهرين ، واستشهدا يوم أحد ، ودفنا في قبر واحد ، فحفر السيل قبرهما لما كان مما يليه ، أو قرب منه ، فأرادوا نقلهما عن مكانهما ذلك إلى موضع لا يضر به السيل ، فحفر عنهما لينقلا ، ولا بأس بحفر القبر وإخراج الميت منه، إذا كان ذلك لوجه مصلحة ، ولم يكن في ذلك إضرار به ، وليس من هذا الباب نبش القبور، فإن ذلك لوجه الضرر ، أو لغير منفعة "انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (3/225) .
والبخاري رحمه الله بوّب في صحيحه " باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلّة ؟ " ، وروى حديثا عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : مَا أُرَانِي إِلاَّ مَقْتُولاً فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ ، غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا ، فَاقْضِ ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا . فَأَصْبَحْنَا ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً ، غَيْرَ أُذُنِهِ )
البخاري ( 1351 ).
قال الحافظ ابن حجر : " وفي حديث جابر دلالة على جواز الإخراج لأمر يتعلق بالحي " انتهى من " فتح الباري " ( 3/ 215 ) .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |