عنوان الفتوى : التحلل من المظلوم واجب شرعي
هل إذا حدثت مشكلة بيني وبين أحد الأشخاص منذ زمن، وبعدها أصبحنا أصدقاء وأحباء، وأصبحنا نتعامل معاملة حسنة. هل يجب أن أستسمحه أم أبني على الظاهر وهو أننا أصبحنا أصدقاء وأحباء، وليس هناك أحد مستاء من الآخر حيث إني لو حاولت أن أستسمحه فقد يضحك مني، أو قد يتعجب من سؤالي، أو قد يحسبني متنطعا. فهل بما أننا أصبحنا نتعامل بود مرة أخرى فبهذا لا أحتاج أن أستسمحه؟؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين حقيقة المشكلة التي حدثت بينكما، وما وقع منك تجاه صديقك، هل هو شتم، أو غيبة، أو لطم، أو أخذ ماله أو غيرها من المظالم؟
واعلم أن التحلل من المظلوم واجب شرعي، فقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على التحلل من المظلوم في الدنيا، فقال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو شيء فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. أخرجه البخاري.
فإن كان هذا الظلم يتعلق بالعرض، فالأصل أن تستسمحه في ذلك، ولكن إن خشيت أن يترتب على ذلك مفسدة أعظم، فيكفيك الدعاء له، وأن تسأل الله أن يرضيه عنك.
قال الغزالي: وأما العرض فإن اغتبته، أو شتمته، أو بهته فحقك أن تكذب نفسك بين يدي من فعلت ذلك عنده، وأن تستحل من صاحبك إذا أمكنك إذا لم تخش زيادة غيظ، وتهييج فتنة في إظهار ذلك وتجديده، فإن خشيت ذلك فالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ليرضيه عنك. انتهـى. وراجع الفتوى رقم: 36984.
وإن كان هذا الظلم بأخذ ماله مثلاً، ولم يكن هذا الأخذ بوجه حق، فيجب عليك رد هذا المال إليه ولو عن طريق غير مباشر.
وقد ذكر النووي في رياض الصالحين أن من شروط التوبة من الذنب المتعلقة بحق الآدمي:أن يبرأ من صاحب الحق، فإن كان مالا رده إليه، وإن كان حد قذف مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كان غيبة استحله منها. انتهى.
ولا يمنعنك ظنك أنه سيضحك، أو يتعجب منك أن تطلب منه التحلل والمسامحة.
والله أعلم.