عنوان الفتوى : معاناة الرسول صلى الله عليه وسلم سكرات الموت
لماذا النبي صلى الله عليه وسلم لم ينج من سكرات الموت ؟
الحمد لله
روى البخاري (6510) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : " إِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فِيهَا
مَاءٌ ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ ،
وَيَقُولُ : ( لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ) ، ثُمَّ
نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: ( فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى ) حَتَّى قُبِضَ
وَمَالَتْ يَدُهُ " .
وروى الحاكم (119) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ : " أنه دَخَلَ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَوْعُوكٌ ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ ،
وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَوَجَدَ حَرَارَتَهَا فَوْقَ الْقَطِيفَةِ ، فَقَالَ:
مَا أَشَدَّ حَرَّ حُمَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ !، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّا كَذَلِكَ يُشَدَّدُ عَلَيْنَا الْبَلَاءُ
وَيُضَاعَفُ لَنَا الْأَجْرُ ) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (3403) .
فقد عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من سكرات الموت ، وذلك حتى يصبر عليها فترتفع
درجته عند الله تعالى وينال جزاء الصابرين : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) . الزمر/10 ، وقد أمره الله تعالى أن يصبر فقال : (
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) الأحقاف/ 35، فكان لابد
من ابتلائه صلى الله عليه وسلم بالمرض وأذية أعدائه له وسائر أنواع الابتلاءات التي
منها سكرات الموت ، حتى يظهر صبره صلى الله عليه وسلم ، ويكون مضرب المثل في الصبر
.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء ، وبالشدة والرخاء ، وقد يبتليهم بها
لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم ؛ كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم
الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز" (4/ 370)
.
فما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من سكرات الموت ، ومن الحمى الشديدة ، وغير ذلك
من البلاء ، فإنما هو لرفع درجته ، ومضاعفة الأجر له ، ولتقتدي به أمته في ذلك .
وانظر إجابة السؤال رقم : (13210) ، و(72265)
.