عنوان الفتوى : تزوجت خديجة رضي الله عنها وأنجبت ، قبل أن تتزوج بالنبي صلى الله عليه وسلم
هل كان لخديجة أمّ المؤمنين رضي الله عنها أبناء قبل أن تتزوج النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فهناك بعض الأشخاص في الحي يقولون أن فاطمة رضي الله عنها ليست ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ابنة خديجة من زوج سابق ، فهل هذا صحيح ؟
الحمد لله
أولا :
تزوجت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها قبل أن تتزوج بالنبي صلى الله
عليه وسلم برجلين ، وأنجبت منهما .
قال ابن كثير رحمه الله :
" قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ تَزَوَّجَتْ
قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلَيْنِ ;
الْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ بْنِ مَخْزُومٍ ، فَوَلَدَتْ مِنْهُ
جَارِيَةً وَهِيَ [هند] أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ ، وَالثَّانِي أَبُو
هَالَةَ التَّمِيمِيُّ فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدَ بْنَ هِنْدٍ . [لأنه قد قيل : إنه
اسم أبي هالة (هند) ] .
وَقَدْ سَمَّاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ ، فَقَالَ : ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ
هَلَاكِ عَتِيقِ بْنِ عَائِذٍ أَبُو هَالَةَ النَّبَّاشُ بْنُ زُرَارَةَ ، أَحَدُ
بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ، فَوَلَدَتْ لَهُ
رَجُلًا وَامْرَأَةً ، [ وهما هند وهالة ] ثُمَّ هَلَكَ عَنْهَا ، فَخَلَفَ
عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَلَدَتْ لَهُ
بَنَاتِهِ الْأَرْبَعَ ، ثُمَّ بَعْدَهُنَّ الْقَاسِمَ وَالطَّيِّبَ وَالطَّاهِرَ ،
فَذَهَبَ الْغِلْمَةُ جَمِيعًا وَهُمْ يرْضَعُونَ " انتهى من " البداية والنهاية "
(8/205-206) .
وقيل بالعكس ، أنها تزوجت أولا بأبي هالة ، ثم بعده بعتيق بن عائذ كما سيأتي .
فقد روى يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : " وكانت خديجة قبل أن ينكحها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت عتيق بن عائذ ، فولدت له هند بنت عتيق ، ثم خلف عليها بعد عتيق أبو هالة مالك بن النباش بن زرارة التميمي الأسدي ، فولدت له هند بن أبي هالة ، وهالة بنت أبي هالة ، فهند بنت عتيق ، وهند وهالة ابنا أبي هالة كلهم إخوة أولاد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خديجة " انتهى من " أسد الغابة " (7/80) .
وقال النووي رحمه الله :
" قالوا : وكانت – أي : خديجة - قبل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوجة
لعتيق بن عائذ المخزومى ، فمات عنها وله منها ولد ، ثم تزوجها أبو هالة مالك ، وقيل
: هند بن زرارة ، وقيل : تزوجها أبو هالة قبل عتيق ، ثم تزوجها رسول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى من " تهذيب الأسماء واللغات " (2/342) .
وقال الحافظ رحمه الله :
" هند بنت عتيق بن عائذ بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم ، أمّها خديجة زوج النبيّ
صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم . ذكرها الدّارقطنيّ في كتاب الإخوة ، وقال : أسلمت
وتزوّجت ، ولم ترو عنه شيئا .
وقال ابن سعد في ترجمة خديجة : خلف على خديجة بعد أبي هالة عتيق بن عائذ بن عبد
اللَّه بن عمر بن مخزوم ، فولدت له جارية يقال لها هند ، فتزوجها صيفي بن أميّة بن
عائذ بن عبد اللَّه بن عمر بن مخزوم ، وهو ابن عمها ، فولدت له محمد بن صيفي ، فولد
محمد يقال لهم بنو الطّاهرة لمكان خديجة " انتهى من " الإصابة " (8/347) .
ثانيا :
لا يختلف أهل الإسلام في أن فاطمة رضي الله عنها هي بنت رسول الله صلى الله عليه
وسلم لصلبه من زوجته خديجة رضي الله عنها .
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي ) ؟! رواه البخاري
(3714) ، ومسلم (2449) .
ألم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث المرأة المخزومية التي سرقت : ( ... وَايْمُ
اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ) ؟!
رواه البخاري (3475) ، ومسلم (1688) .
ألم يقل صلى الله عليه وسلم : ( أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ
بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ
امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ) ؟! رواه أحمد (2668) بسند
صحيح .
ألم تقل فاطمة رضي الله عنها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَبَتَاهُ ،
أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ، مَأْوَاهْ يَا
أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ) ؟! رواه البخاري (4462) .
وهذا الأمر أوضح من أن يحتاج إلى أدلة ، وكما قيل :
وليس يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
وانظر للفائدة إلى جواب السؤال رقم : (23294) .
والله أعلم .